فَقَالَ: أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ، فَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ بِدِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسِّلْهُمْ) بضمِّ أوَّله وتشديد ثالثه، ولأبي ذَرٍّ:«ولم يَغْسِلْهُمْ» بفتح أوَّله وتخفيف ثالثه، وليس في الحديث ذكر الشَّقِّ، فاستُشكلت المطابقة بينه وبين التَّرجمة، وأُجِيبَ بأنَّ قوله:«قدَّمه في اللَّحد» يدلُّ على الشَّقِّ؛ لأنَّ تقديم أحد الميتين يستلزم تأخير الآخر غالبًا في الشَّقِّ، لمشقَّة تسوية اللَّحد لمكان اثنين، وتقديمه اللَّحد على الشَّقِّ في التَّرجمة يفيد أفضليَّة اللَّحد؛ لكونه أستر للميِّت، ولقول سعد بن أبي وقَّاص في مرض موته: الحدوا لي لحدًا، وانصبوا عليَّ اللَّبِن نصبًا، كما فُعِلَ برسول الله ﷺ، رواه مسلمٌ، وقد روى السِّلفيُّ عن أُبيِّ بن كعبٍ مرفوعًا:«أُلحِدَ آدم وغُسِّل بالماء وترًا، وقالت الملائكة: هذه سنَّة ولده من بعده»، وروى أبو داود:«اللَّحد لنا والشَّقُّ لغيرنا»، قال التُّوربشتيُّ: أي: اللَّحد هو الذي نختاره، والشَّقُّ اختيار مَن كان قبلنا، وقال الزَّين العراقيُّ: المراد بغيرنا: أهل الكتاب، كما ورد مصرَّحًا به في بعض طرق حديث جريرٍ في «مسند الإمام أحمد»: «والشَّقُّ لأهل الكتاب»، لكنَّ الحديث ضعيفٌ، وليس فيه النَّهي عن الشَّقِّ، غايته تفضيل اللَّحد. نعم إذا كان المكان (١) رخوًا فالشِّقُّ أفضل خوف الانهيار، وقد أجمع العلماء -كما قاله في «شرح المهذَّب» - على جوازهما.
(٧٩)(بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا أَسْلَمَ الصَّبِيُّ فَمَاتَ) قبل البلوغ (هَلْ يُصَلَّى عَلَيْهِ) أم لا؟ (وَهَلْ يُعْرَضُ عَلَى الصَّبِيِّ الإِسْلَامُ؟).