للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتحيَّر. انتهى (١). فإنَّ النادم المتحسِّر (٢) يعضُّ يده غمًّا فتصير يده مسقوطًا فيها، لأنَّ فاه قد وقع فيها، وقيل: من عادة النَّادم أن يطأطئ رأسه ويضع ذَقَنه على يده معتمدًا عليها، ويصير على هيئةٍ لو نُزِعت يده لسقط على وجهه، فكأنَّ اليد مسقوطٌ فيها، ومعنى ﴿فَي﴾: على، فمعنى ﴿فَي أَيْدِيهِمْ﴾: على أيديهم، وهذه اللَّفظة قد اضطربت أقوال أهل اللُّغة في أصلها، فقال أبو مروان بن سراجٍ اللُّغويُّ: قول العرب: «سُقِط في يده» ممَّا أعياني معناه. وقال الواحديُّ: لم أرَ لأهل اللُّغة شيئًا في أصله وحدِّه أرتضيه إلَّا ما ذكره الزَّجَّاج أنَّه بمعنى: ندم، وأنَّه نظمٌ لم يُسمَع قبل القرآن، ولم تعرفه العرب، ولم يوجد في أشعارهم، ويدلُّ على صحَّة ذلك أنَّ شعراء الإسلام لمَّا سمعوا هذا النَّظم واستعملوه في كلامهم خفي عليهم وجه الاستعمال، لأنَّ عادتهم لم تجرِ به، قال أبو نواس:

ونشوةٍ سُقِطْتُ منها في يدي

وأبو نواسٍ هو العالم النِّحرير، فأخطأ في استعمال هذا اللَّفظ، لأنَّ «فُعِلت» لا يُبنَى إلَّا من فعلٍ متعدٍّ، و «سُقِط» لازمٌ لا يتعدَّى إلَّا بحرف الصِّلة، لا يُقال: سُقِطت، كما لا يُقال: رُغِبت وغُضِبت، إنَّما يُقال: رُغِب فيَّ، وغُضِب عليَّ. وذكر أبو حاتم: سُقِط فلانٌ في يده، بمعنى: ندم، وهو خطأٌ مثل قول أبي نواسٍ، لأنَّه لو كان كذلك لكان النَّظم: ولمَّا سُقِطوا في أيديهم وسُقِط القوم في أيديهم، كذا نقله ابن عادلٍ في «اللُّباب».

(٢٧) ((٣) حَدِيثُ الخَضِرِ) ولأبي ذرٍّ: «بابُ حديثِ الخضر» (مَعَ مُوسَى .


(١) «انتهى»: ليس في (د).
(٢) في (م): «المتحير».
(٣) زيد في غير (د): «باب»، وليس بصحيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>