للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالقصاص ثابتٌ بين العبد والحرِّ، والذَّكر والأنثى، ويستدلُّون بقوله : «المسلمون تتكافأ دماؤهم» وبأنَّ التَّفاضل غير معتبرٍ في الأنفس؛ بدليل أنَّ جماعةً لو قَتَلوا واحدًا قُتِلوا به، وأُجيب بأنَّ دعوى النَّسخ بآية المائدة غير سائغٍ (١)؛ لأنَّه حكاية ما في التَّوراة، فلا ينسخ ما في القرآن، وعن الحسن وغيره: لا يُقتَل الرَّجل بالمرأة لهذه الآية، وخالفهم الجمهور -وهو مذهب الأئمة الأربعة- فقالوا: يُقتَل الذَّكر بالأنثى والأنثى بالذَّكر بالإجماع، وحينئذٍ فما نقله (٢) في «الكشَّاف» عن الشَّافعيِّ ومالكٍ أنَّه لا يُقتَل الذَّكر بالأنثى لا عمل عليه (﴿عُفِيَ﴾ [البقرة: ١٧٨]) أي: (تُرِكَ) وسقط ذلك في نسخٍ (٣).

٤٤٩٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ) عبد الله بن الزُّبير بن عيسى المكيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة قال: (حَدَّثَنَا عَمْرٌو) هو ابن دينارٍ (قَالَ: سَمِعْتُ مُجَاهِدًا) (٤) بن جبرٍ المفسِّر (قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ القِصَاصُ، وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمُ الدِّيَةُ، فَقَالَ اللهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الأُمَّةِ: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ﴾) أي: شيءٌ من العفو؛ لأنَّ «عفا» لازمٌ، وفائدته الإشعار بأنَّ بعض العفو كالعفو التَّامِّ في إسقاط القصاص، وقيل: ﴿عُفِيَ﴾ بمعنى: تُرِكَ و ﴿شَيْءٌ﴾: مفعولٌ به (٥)، وهو ضعيفٌ؛ إذ لم


(١) في (ب) و (س): «سائغة».
(٢) في (م): «نقل».
(٣) في (د): «النُّسخ».
(٤) زيد في (ب) و (س): «هو».
(٥) يعني: مفعولٌ لم يُسَمَّ فاعله، وهو النائب عن الفاعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>