للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للسَّبب وأنَّ ذلك جائزٌ له دون غيره؛ لأنَّه لمَّا جازت له الموهوبة جاز له أن يهبها؛ ولذلك ملَّكها له ولم يشاورها، وهذا يحتاج إلى دليلٍ، ولئن سلَّمنا أنَّها للسَّبب فقد يكون الصَّداق مسكوتًا عنه؛ لأنَّه أصدق عنه كما كفَّر عن الذي وطئ في رمضان إذ لم يكن عنده شيءٌ، أو أنكحه إيَّاها نكاح تفويضٍ وأبقى الصَّداق في ذمَّته حتَّى يكتسبه، ويكون قوله: «بما معك من القرآن» حضًّا له على تعلُّمه وتكرمةً لأهله، وقد تعقَّب الدَّاوديُّ المصنِّفَ بأنَّه (١) ليس في الحديث ما ترجم له فإنَّه لم يذكر فيه أنَّه استأذنها ولا أنَّها وكَّلته، وإنَّما زوَّجها للرَّجل بقول الله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٦]. انتهى. قال في «فتح الباري»: وكأنَّ المصنِّف أخذ ذلك من قولها: «قد وهبت نفسي لك» ففوَّضت أمرها إليه، وقال الذي خطبها: زوِّجنيها إن لم يكن لك بها حاجةٌ، فلم تُنكر هي ذلك، بل استمرَّت على الرِّضا، فكأنَّها فوَّضت أمرها إليه يتزوَّجها أو يزوِّجها لمن رأى، وفي حديث أبي هريرة عند النَّسائيِّ وأبي داود: أنَّ النَّبيَّ قال للمرأة: «إنِّي أُريد أن أزوِّجك هذا إن رضيت»، فقالت: ما رضيتَ لي فقد رضيتُ، ولم يرد أنَّ الرَّجل قال بعد قوله : «زوَّجتكها»: قبلت نكاحها، وأجاب المُهلَّب: بأنَّ بساط الكلام في هذه القصَّة أغنى عن القبول لِمَا تَقدَّم من الطَّلب والمعاودة في ذلك، فمن كان في مثل حال هذا الرَّجل الرَّاغب لم يحتج إلى تصريحٍ منه بالقبول لسبق العلم برغبته؛ بخلاف غيره ممَّن لم تقم القرائن على رضاه. انتهى. فليُتأمَّل، ومباحث هذا الحديث تأتي إن شاء الله تعالى في محالِّها بعون الله وقوَّته.

وهذا الحديث أخرجه المؤلِّف أيضًا في «التَّوحيد» [خ¦٧٤١٧] و «النِّكاح» [خ¦٥١٣٥]، وأخرجه مسلمٌ وأبو داود والتِّرمذيُّ في «النِّكاح»، وابن ماجه فيه وفي «فضائل القرآن».

(١٠) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا وَكَّلَ) رجلٌ (رَجُلًا) بحذف الفاعل، وفي نسخةٍ: «إذا وكَّل رجلٌ» بحذف المفعول (فَتَرَكَ الوَكِيلُ شَيْئًا) ممَّا وُكِّل فيه (٢) (فَأَجَازَهُ) وفي نسخةٍ: «فأجابه» (المُوَكِّلُ


(١) في (د): «فإنَّه»، وفي (م): «لأنَّه».
(٢) «ممَّا وُكِّل فيه»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>