وقال القرطبيُّ: إنَّ النَّبيَّ ﷺ هو الحاكِي والمحكِيّ عنه، وكأنَّه أوحِي إليه بذلك قبل قضيَّة يوم أحدٍ ولم يعيّن له ذلك، فلما وقعَ تعيَّنَ أنَّه المعنيُّ بذلك، وسبقَ في «غزوة أحدٍ»[خ¦٤٠٧٥] وقوعُ ذلك لنبيِّنا ﷺ.
وعند الإمام أحمد من رواية عاصمٍ عن أبي وائلٍ عن ابنِ مسعود أنَّه ﷺ قال نحو ذلك يوم حُنين لمَّا ازدحموا عليه عند قسمةِ الغنائم.
وأشار المؤلِّف بإيرادهِ حديث الباب إلى ترجيحِ القول بأنَّ تركَ قتل اليهوديِّ كان لمصلحةِ التَّأليف؛ لأنَّه إذا لم يُؤاخِذ الَّذي ضربَه حتَّى جرحَه بالدُّعاء عليه ليهلك بل صبرَ على أذاه، وزادَ فدعا له، فلأن يصبرَ على الأذى بالقولِ أولى، ويُؤخذ منه ترك القتلِ بالتَّعريض بطريقِ الأولى.
والحديث تقدَّم في «ذكر بني إسرائيل» من «أحاديثِ الأنبياء» بهذا السَّند [خ¦٣٤٧٧]، وأخرجه مسلمٌ في «المغازي» وابن ماجه في «الفتن»(١).
(٦)(باب قَتْلِ الخَوَارِجِ) الَّذين خرجوا عن الدِّين وعلى عليِّ بنِ أبي طالب ﵁، وذلك أنَّهم أنكروا عليه التَّحكيم الَّذي كان بينَه وبين معاوية ﵁ وكانوا ثمانية آلاف، وقيل: أكثر من عشرة آلاف، وفارقوه فأرسلَ إليهم أن يحضروا فامتنَعوا حتَّى يشهدَ على نفسه بالكفرِ لرضاه بالتَّحكيم، وأجمعوا على أنَّ من لا يعتقدُ مُعْتقدهم يكفرُ ويُباح دمُه ومالُه وأهلُه وانتقلوا إلى الفعلِ، فكانوا يقتلونَ من مرَّ بهم من المسلمين فقتلوا عبدَ الله بن الأرَتِّ، وبقروا بطنَ سُرِّيَّته، فخرج عليٌّ ﵁ عليهم فقتلَهم بالنَّهروان فلم يَنْجُ منهم إلَّا دون العشرةِ، ولم يُقتلْ ممَّن معه إلَّا دون العشرة، ثمَّ انضمَّ إليهم من مالَ إلى رأيهم، ولمَّا ولي عبد الله بن الزُّبير الخلافة ظهروا بالعراقِ مع نافع بنِ الأزرق، وباليمامةِ مع نجدةَ بن عامرٍ، فزادَ نجدةُ على مذهبهم أن من لم يخرجْ لمحاربة المسلمين فهو كافرٌ، وتوسَّعوا حتَّى أبطلوا رجمَ المحصن، وقطعوا يد السَّارق