للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٨) (باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ﴾) بالبعثِ والجزاء (﴿حَقٌّ﴾) كائنٌ (﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾) فلا تخدعنَّكم الدُّنيا ولا يذهلنَّكم التَّمتُّع والتَّلذُّذ بزهرتها ومنافعها عن العملِ للآخرة وطلب ما عند الله (﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ﴾) وهو الشَّيطان؛ لأنَّ ذلك دَيدنه، فإنَّه يمنِّيكم الأماني الكاذبة، ويقول: إنَّ الله غنيٌّ عن عبادتكَ وعن تعذيبكَ (﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ﴾) ظاهرُ العداوةِ، وفعلَ بأبيكم آدمَ ما فعل، وأنتم تعاملونهُ مُعاملة من لا علمَ له بأحواله (﴿فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا﴾) في عقائدِكُم وأفعالكم، ولا يوجدنَّ منكم إلَّا ما يدلُّ على معاداتهِ ومغاضبتهِ في سرِّكم وجهركُم، فهذا هو العدوُّ المبين، فنسألُ الله القويَّ العزيز أن يجعلنَا أعداء الشَّيطان (١) وأن يرزقنا اتِّباع كتابهِ والاقتفاء برسوله ، إنَّه على ما يشاءُ قدير، ثم لخَّص (٢) سرَّ أمرهِ وخطأ من اتَّبعه بأنَّ غرضه الَّذي يؤمُّه في دعوةِ شيعتهِ هو أن يوردَهم موردَ الهلاك بقوله: (﴿إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [فاطر: ٥ - ٦]) والسَّعير (جَمْعُهُ: سُعُرٌ) بضمَّتين، وسقط لأبي ذرٍّ «﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ﴾» إلى آخرِ قوله «﴿السَّعِيرِ﴾» وقال بعد قوله ﴿حَقٌّ﴾: «الآية إلى قوله: ﴿السَّعِيرِ﴾» (قَالَ (٣) مُجَاهِدٌ) ممَّا وصله الفريابيُّ في «تفسيره»: عن ورقاء، عن ابنِ أبي نَجيح، عن مجاهدٍ: (الغَرُورُ) بفتح الغين (الشَّيْطَانُ) قال الرَّاغب: غَرَرْتُ فلانًا أصبْتُ غُرَّتَهُ، ونلْتُ منه ما أُريده (٤)، فالغرَّة (٥) غفلةٌ في يقظةٍ، والغرارُ غفلةٌ مع غفوةٍ، وأصلُ ذلك من الغرِّ، وهو الأثرُ الظَّاهر من الشَّيء، ومنه غرَّة الفرس، وغِرار السَّيف: حدُّه، وغَرُّ الثَّوب: أثرُ كسرهِ، وقيل: اطوه على غَرِّه، وغرَّه كذا غرورًا. قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ [الانفطار: ٦]


(١) في (د): «الشياطين».
(٢) في (د): «يخص».
(٣) في (د) و (ص) و (ع): «وقال» بزيادة: «و»، وهي ليست في «اليونينيَّة».
(٤) في (س): «أريد».
(٥) في (د): «والغرّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>