للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعند مسلمٍ في رواية عبدِ الحميد بن جعفر، عن سعيدِ المقبريِّ، عن أبي شريح: «الضِّيافة ثلاثةُ أيامٍ وجائزتُه يومٌ وليلة». وهو يدلُّ على المغايرةِ (فَمَا بَعْدَ ذَلِكَ) ممَّا يحضرُه له بعد ثلاثةِ أيَّام (١) (فَهْوَ صَدَقَةٌ) استدلَّ به على أنَّ الَّذي قبلها واجبٌ؛ لأنَّ المرادَ بتسميتهِ صدقةٌ التَّنفير (٢) عنه؛ لأنَّ كثيرًا (٣) من النَّاس خصوصًا الأغنياء يأنفون غالبًا من أكل الصَّدقة، واستدلَّ ابنُ بطَّال لعدم الوجوب بقولهِ: «جائزته» والجائزةُ تفضُّلٌ وإحسانٌ ليست واجبة وعليه عامَّةُ الفقهاء، وتأوَّلوا الأحاديثَ أنَّها كانت في أوَّلِ الإسلامِ إذ كانت المواساةُ واجبةً (وَلَا يَحِلُّ لَهُ) أي: للضَّيف (أَنْ يَثْوِيَ) بفتح التحتية وسكون المثلثة وكسر الواو، أنْ يقيمَ (عِنْدَهُ) عند من أضافهُ (حَتَّى يُحْرِجَهُ) بضم التحتية وسكون الحاء المهملة وبعد الراء المكسورة جيم، من الحرجِ، وهو الضِّيق، ولمُسلم: «حتَّى يؤثِّمه» أي: يوقعهُ في الإثم لأنَّه قد يغتابه لطولِ إقامته، أو يعرضُ له بما يؤذيهِ، أو يظنُّ به ظنًّا سيِّئًا، ويستفاد من قولهِ: «حتى (٤) يحرِجه» أنَّه إذا ارتفع الحرجُ جازتِ الإقامة بعد بأن يختارَ المضيف إقامةَ الضَّيف، أو يغلبَ على ظنِّ الضَّيف أنَّ المضيفَ لا يكره ذلك.

والحديثُ سبق في «باب مَن كان يؤمنُ بالله واليوم الآخرِ فلا يؤذِ جارهُ» من «كتاب الأدب» [خ¦٦٠١٩].

وبه قال: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) بنُ أبي أويسٍ (قَالَ: حَدَّثَنِي) بالإفراد (مَالِكٌ) الإمام بسنده السَّابق (مِثْلَهُ) أي: مثل الحديث السَّابق (وَزَادَ) أي: ابنُ أبي أويسٍ (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ) إيمانًا كاملًا (فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) بضم الميم، من باب نَصَر يَنْصُر، أو بكسرها من باب ضَرَب يَضْرِبُ، أي: ليسكت.


(١) في (ع) و (د): «الضيافة».
(٢) في (ص): «التنفر».
(٣) في (ع) و (د): «الكثير».
(٤) قوله: «حتى»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>