للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المؤلِّف رحمه الله تعالى في «بدء الخلق» [خ¦٣٢٩٥]: «إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضَّأ (١) فليستنثر ثلاثًا، فإنَّ الشَّيطان يبيت على خيشومه» والخيشوم: أعلى الأنف، ونوم الشَّيطان عليه حقيقةٌ أو هو على الاستعارة لأنَّ ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذارةٌ توافق الشَّياطين (٢)، فهو على عادة العرب في نسبتهم المُستخبَث والمُستبشَع (٣) إلى الشَّيطان، أو ذلك عبارةٌ عن تكسيله عن القيام إلى الصَّلاة، ولا مانع من حمله على الحقيقة، وهل مبيته لعموم النَّائمين أو مخصوصٌ بمن لم يفعل ما يحترس به (٤) في منامه كقراءة آية «الكرسيِّ»؟ وظاهر الأمر فيه: للوجوب، فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق لورود الأمر به -كأحمد وإسحاق وغيرهما- أن يقول به في الاستنثار، وظاهر كلام صاحب «المغني» من الحنابلة أنَّهم يقولون بذلك، وأنَّ مشروعيَّة الاستنشاق لا تحصل إلَّا بالاستنثار، وقول العينيِّ: إنَّ الإجماع قائمٌ على عدم وجوبه، يردُّه تصريح ابن بطَّالٍ بأنَّ بعض العلماء قال بوجوبه، وقال الجمهور: إنَّ الأمر فيه للنَّدب مستدلِّين له بما أخرجه التِّرمذيُّ وحسَّنه، والحاكم وصحَّحه من قوله للأعرابيِّ: «من توضَّأ كما أمر الله … » فأحال (٥) على الآية، وليس فيها ذكر الاستنشاق (وَمَنِ اسْتَجْمَرَ) أي: مسح محلِّ النَّجو بالجمار، وهي الأحجار الصِّغار (فَلْيُوتِرْ) وحمله بعضهم على استعمال البَخور، فإنَّه يُقال: تجمَّر واستجمر، أي: فلْيأخذ ثلاث قطعٍ من الطِّيب ويتطيَّب ثلاثًا أو أكثر وترًا، حكاه ابن حبيبٍ عن ابن عمرَ، ولا يصحُّ، وكذا حكاه ابن عبد البرِّ عن مالكٍ، وروى ابن خزيمة في «صحيحه» عنه خلافه، والأظهر الأوَّل (٦).

(٢٦) (بابُ الاِسْتِجْمَارِ) بالأحجار حال كونه (وِتْرًا).


(١) «فتوضَّأ»: سقط من (م).
(٢) في (ص) و (م): «الشَّيطان».
(٣) في (م): «المستشنع».
(٤) في (م): «منه».
(٥) في (م): «فأحاله».
(٦) في (د): «خلافًا، والأوَّل أظهر».

<<  <  ج: ص:  >  >>