المشركين (فَاجْتَلَدَتْ) بالجيم الساكنة فالفوقية فاللام فالدال المهملة المفتوحات ففوقية، فاقتتلتْ (هِيَ وَأُخْرَاهُمْ، فَنَظَرَ حُذَيْفَةُ) بن اليمان (فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ اليَمَانِ) يقتله المسلمون يظنُّونه من المشركين (فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ (١)) هذا (أَبِي) هذا (أَبِي) لا تقتلوه (قَالَتْ) عائشة: (فَوَاللهِ مَا احْتَجَزُوا) بالحاء المهملة الساكنة ثم الفوقية والجيم المفتوحتين والزاي، أي: ما انفصلوا، أو ما انكفُّوا عنه، أو ما تركوهُ (حَتَّى قَتَلُوهُ. قَالَ حُذَيْفَةُ) معتذرًا عنهم؛ لكونهم قتلوه ظانِّين أنَّه من المشركين:(غَفَرَ اللهُ لَكُمْ. قَالَ عُرْوَةُ) بالسَّند المذكور: (فَمَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ مِنْهُ) أي: من ذلك الفعل وهو العفو، أو من قتلهم لأبيه (بَقِيَّةٌ) أي: من حزنٍ على أبيه، ولأبي ذرٍّ والأَصيليِّ:«بقيَّة خير» أي: من دعاءٍ واستغفارٍ لقاتل أبيه (حَتَّى لَحِقَ بِاللهِ)﷿.
وعند السَّراج في «تاريخه» من طريق عكرمة: أنَّ والد حذيفة قتلَ يوم أحدٍ قتلَه بعضُ المسلمين وهو يظن أنَّه من المشركين، فودَاه رسولُ الله ﷺ. ورجاله ثقاتٌ مع إرساله، وفي المسألة مذاهب، فقيل: تجب ديتُه في بيت المال؛ لأنَّه مات بفعل قومٍ من المسلمين، فوجبت ديتُه في بيت مالِ المسلمين، وقيل: تجب على جميعِ من حضرَ؛ لأنَّه مات بفعلِهم، فلا يتعدَّاهم إلى غيرِهم، وقال الشَّافعيُّ: يُقال لوليِّه: ادَّعِ على من شئتَ واحلف فإن حلفتَ استحقَّيت الدِّية، وإن نكلْتَ حلفَ المدَّعى عليه على النَّفي، وسقطَتِ المطالبةُ، وتوجيهه أنَّ الدَّم لا يجبُ إلَّا بالطَّلب، وقال مالكٌ: دمه هدرٌ؛ لأنَّه إذا لم يُعلم قاتلهُ بعينهِ استحالَ أن يؤخذَ به أحدٌ.
(١٧) هذا (بابٌ) بالتَّنوين يذكرُ فيه: (إِذَا قَتَلَ) شخصٌ (نَفْسَهُ خَطَأً فَلَا دِيَةَ لَهُ). قال الإسماعيليُّ: ولا إذا قتلَها عمدًا، أي: فلا مفهومَ لقولهِ: «خطأ». قال في «الفتح»: والَّذي يظهرُ أنَّ البخاريَّ إنَّما قيَّد بالخطأ؛ لأنَّه محلُّ الخلاف.