للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكُشمِيهنيِّ هنا: «قال أبو عبد الله البخاريُّ: ﴿فَوْرِهِمْ﴾ هو: غضبُهم» وهذا تفسيرُ عكرمة ومجاهد، وقال الرَّاغب: الفَوْر: شدَّة الغليانِ، ويقال ذلك في النَّار نفسِها إذا هاجتْ في (١) القِدْر والغضب، قال الله تعالى: ﴿وَهِيَ تَفُورُ. تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ﴾ [الملك: ٧ - ٨].

(وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ﴾) أي: اذكرْ إذ (﴿يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ﴾) عِير قريشٍ التي أقبلت مع أبي سفيان من الشَّام، أو النَّفير (٢) وهو من خرجَ من قريشٍ مع عُتبة بن ربيعةَ لاستنقاذِها من أيدي المسلمين (﴿أَنَّهَا لَكُمْ﴾) بدلُ اشتمالٍ (﴿وَتَوَدُّونَ﴾) أي: تتمنَّون (﴿أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾ [الأنفال: ٧]) يعني: العير، فإنَّه لم يكن فيه إلَّا أربعون فارسًا.

(الشَّوْكَةُ) هي (الحَدُّ) وهذا تفسيرُ أبي عُبيدة في «المجاز»، مستعارٌ من واحدِ الشَّوك، وسقط قوله: «﴿وَتَوَدُّونَ﴾ … » إلى آخره لغير أبي ذرٍّ وابنِ عساكرٍ، ولفظهم (٣): «﴿أَنَّهَا لَكُمْ … ﴾ الآية».

٣٩٥١ - وبه قال: (حَدَّثَنِي) بالإفراد، ولأبي ذرٍّ «حَدَّثنا» (يَحْيَى ابْنُ بُكَيْرٍ) وهو: يحيى بن عبد الله ابن بُكير -مصغَّرًا- المخزوميُّ مولاهُم المصريُّ قال: (حَدَّثَنَا اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام (عَنْ عُقَيْلٍ) بضم العين وفتح القاف، ابن خالدٍ الأيليِّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ) أباهُ (٤) (عَبْدَ اللهِ بْنَ كَعْبٍ) الأنصاريَّ المدنيَّ، قيل: إنَّ له رؤية (قَالَ: سَمِعْتُ) أبي (٥) (كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: لَمْ أَتَخَلَّفْ عَنْ رَسُولِ اللهِ فِي غَزْوَةٍ غَزَاهَا إِلَّا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ) فإنِّي تخلَّفت (غَيْرَ أَنِّي تَخَلَّفْتُ عَنْ) ولأبوي ذرٍّ والوقتِ «في» (غَزْوَةِ بَدْرٍ وَلَمْ يُعَاتَبْ) بفتح التاء مبنيًّا للمفعول (أَحَدٌ) رُفِعَ نائبًا عن الفاعلِ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشمِيهنيِّ «ولم يعاتِب اللهُ ﷿ أحدًا» (تَخَلَّفَ عَنْهَا) أي: عن (٦) غزوةِ بدرٍ، بخلاف غزوةِ تبوكَ. و «غير» -كما قال الكِرْمانيُّ-: صفةٌ، والمعنى: أنَّه ما تخلَّف إلَّا في تبوك حالَ مُغايرة تخلُّف بدرٍ لتخلُّف تبوك؛ لأنَّ التَّوجُّهَ لبدرٍ لم يكن بقصدِ الغزو بل بقصدِ أخذ العيرِ (٧) (إِنَّمَا خَرَجَ رَسُولُ اللهِ) ولأبي ذرٍّ «النَّبيُّ» () حال كونه (يُرِيدُ عِيرَ قُرَيْشٍ) ليغنَمها لا القتال (حَتَّى جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمْ) أي: بين المسلمين (وَبَيْنَ عَدُوِّهِمْ) قريش (عَلَى غَيْرِ مِيعَادٍ) ولا إرادةِ قتالٍ، وهذا كلُّه بخلافِ غزوةِ تبوكَ، ولذا لم يستثنهما بلفظٍ واحدٍ، بل غايرَ بين التَّخلُّفين (٨) كما ترى.

ويأتي هذا الحديثُ إن شاء الله تعالى بتمامهِ في «غزوةِ تبوكَ» [خ¦٤٤١٨] بعون الله تعالى وقوَّته.

(٤) (بابُ قَوْلِ اللهِ) ولأبي ذرٍّ «قوله» (تَعَالَى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ﴾) أي: اذكرُوا إذ تستغيثون ربَّكم، أو بدل من: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ﴾ [الأنفال: ٧] أي: إذ (٩) تسألون ربَّكم وتدعونَهُ يومَ بدرٍ بالنُّصرة على عدوِّكم (﴿فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي﴾) أي: بأنِّي (﴿مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾) مُتَتابعين بعضُهم في إِثْر بعضٍ (١٠) (﴿وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ﴾) أي: الإمدادَ بالألفِ (﴿إِلاَّ بُشْرَى﴾) إلَّا بشارةً لكم بالنَّصر (﴿وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ﴾) أي: لتسكنَ إليه قلوبُكُم، فيزولُ ما بها من


(١) كذا في الأصول، وفي «مفردات الراغب»: «وفي القدر وفي الغضب»، وهو أدقُّ وأصوب.
(٢) في (ص): «والنفير».
(٣) في (س): «لفظهما»، وفي (ص): «لفظها».
(٤) «أباه»: ليست في (ص).
(٥) «أبي»: ليست في (ص).
(٦) «عن»: ليست في (ص) و (م).
(٧) «بل بقصدِ أخذ العيرِ»: ليست في (ص) و (م).
(٨) في (ص): «المختلفين».
(٩) «إذ»: ليست في (ص).
(١٠) في (ص) و (م): «إثرهم في إثر بعض».

<<  <  ج: ص:  >  >>