للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَأْسَهُ فَكَبَّرَ، فَسَجَدَ مِثْلَ سُجُودِهِ أَوْ أَطْوَلَ) منه (ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ) من السُّجود (وَكَبَّرَ) وظاهره: الاكتفاء بتكبيرة السُّجود، ولا يشترط تكبيرة الإحرام، وهو قول الجمهور، وحكى القرطبيُّ: أنَّ قول مالكٍ لم يختلف في وجوب السَّلام بعد (١) سجدتي السَّهو، قال: وما يُتحلَّل منه بسلامٍ لا بدَّ له من تكبيرة الإحرام، ويؤيِّده ما رواه أبو داود من طريق حمَّاد بن زيدٍ، عن هشام بن حسَّان، عن ابن سيرين في هذا الحديث قال: فكبَّر، ثمَّ كبَّر وسجد للسَّهو، وقال أبو داود: ولم يقل أحدٌ: «فكبَّر، ثمَّ كبَّر» إلَّا حمَّاد بن زيدٍ، فأشار إلى شذوذ هذه الزِّيادة. انتهى. وقد اشتمل حديث الباب على فوائد كثيرةٍ، واستدلَّ به من قال من أصحاب الشَّافعيِّ ومالك أيضًا: إنَّ الأفعال الكثيرة في الصَّلاة الَّتي ليست من جنسها إذا وقعت على وجه السَّهو لا تبطلها؛ لأنَّه خرج سَرَعان النَّاس، وفي بعض طرق الصَّحيح: أنَّه خرج إلى منزله ثمَّ رجع، وفي بعضها: أتى جِذْعًا في قبلة المسجد، واستند إليه، وشبَّك بين أصابعه، ثمَّ رجع ورجع النَّاس وبنى بهم، وهذه أفعالٌ كثيرةٌ، لكن للقائل بأنَّ الكثير يُبطل، أن يقول: هذه غير كثيرةٍ، كما قاله ابن الصَّلاح (٢)، وحكاه القرطبيُّ عن أصحاب مالكٍ، والرُّجوع في الكثرة والقلَّة إلى العُرْف على الصَّحيح، والمذهب الَّذي قطع به جمهور أصحاب الشَّافعيِّ أنَّ النَّاسي في ذلك كالعامد، فيبطلها الفعل الكثير ساهيًا.

ورواة الحديث كلُّهم بصريُّون، وفيه التَّحديث، والعنعنة.

١٢٣٠ - وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) الثَّقفيُّ قال: (حَدَّثَنَا لَيْثٌ) هو ابن سعدٍ الإمام، وللأَصيليِّ وابن عساكر: «اللَّيث» (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن بن


(١) في (ص): «بين»، وليس بصحيحٍ.
(٢) هكذا في الأصول، وهو موافق لما في «المواهب اللدنية»، والذي في «طرح التثريب»: «ابن الصباغ».

<<  <  ج: ص:  >  >>