للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المفعوليَّة؛ أي: وسخه الذي تُخرِجه النَّار؛ أي: أنَّها لا تترك فيها من في قلبه دغلٌ، بل تميِّزه عن القلوب الصَّادقة وتخرجه كما تميِّز النَّار (١) رديء الحديد من جيِّده، ونُسِب التَّمييز للكير لكونه السَّبب الأكبر في اشتعال النَّار التي وقع التَّمييز بها، وقد خرج من المدينة بعد الوفاة النَّبويَّة معاذٌ وأبو عبيدة وابن مسعودٍ وطائفةٌ، ثمَّ عليٌّ وطلحة والزُّبير وعمَّارٌ وآخرون، وهم من أطيب الخلق، فدلَّ على أنَّ المرادَ بالحديثِ تخصيصُ ناسٍ دون ناسٍ، ووقتٍ دون وقتٍ.

وهذا الحديث أخرجه مسلمٌ أيضًا في «الحجِّ»، وكذا النَّسائيُّ فيه وفي «التَّفسير».

(٣) (بابُ المَدِينَةِ) بالإضافة، من أسمائها (طَابَةُ) وفي نسخةٍ: «بابٌ» بالتَّنوين «المدينةُ طابةُ» ولأبي ذرٍّ: «طابةٌ» بالتَّنوين، وأصل طابة: طيبة فقُلِبت الياء ألفًا لتحرُّكها وانفتاح ما قبلها؛ أي: من أسمائها طابة، وليس فيه ما يدلُّ (٢) على أنَّها لا تُسمَّى بغير ذلك، ولها أسماء كثيرةٌ، وكثرة الأسماء تدلُّ على شرف المُسمَّى، فمن أسمائها: طَيْبة؛ كهيبة وطِيْبَة؛ كصيبة، وطائبٌ؛ ككاتبٍ، فهذه الثَّلاثة -مع طابة؛ كـ «شامة» - أخواتٌ لفظًا ومعنًى، مختلفاتٌ صيغةً ومبنًى، وذلك لطيب رائحتها وأمورها كلِّها، ولطهارتها من الشِّرك وحلول الطَّيِّب بها صلوات الله وسلامه عليه، ولطيب العيش بها، ولكونها تنفي خبثها وينصع طيبُها، ولله درُّ الإشبيليِّ حيث قال: لتربة المدينة نفحةٌ ليس كما عُهِد من الطِّيب، بل هو عجبٌ من الأعاجيب، وقال بعضهم ممَّا ذكره في «الفتح»: وفي طيب ترابها وهوائها دليلٌ شاهدٌ على صحَّة هذه التَّسمية؛ لأنَّ من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحةً طيِّبةً لا يكاد يجدها في غيرها. انتهى. ومن أسمائها: بيت الرَّسول ، قال الله (٣) تعالى: ﴿كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ﴾ [الأنفال: ٥] أي: من المدينة لاختصاصها به اختصاص البيت بساكنه، والحرم لتحريمها -كما مرَّ- والحبيبة لحبِّه لها ودعائه به،


(١) في (م): «يميِّز الحدَّاد».
(٢) في (د): «وليس فيه دليلٌ».
(٣) اسم الجلالة: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>