للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إِلَيْهِ، وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا) أي: من الأقبية، والجملة حاليَّة (فَقَالَ) : (خَبَأْنَا هَذَا) القَبَاء (لَكَ، قَالَ) المِسْوَر: (فَنَظَرَ إِلَيْهِ) أي: إلى القَبَاء مَخْرَمةُ (فَقَالَ) : (رَضِيَ مَخْرَمَةُ؟) استفهامٌ، أي: هل رضي؟ ويحتمل -كما قال ابن التِّين- أن يكون من قول مَخْرَمة.

ومطابقةُ الحديث للتَّرجمة: من حيث إنَّ نقل المتاع إلى الموهوب له قبضٌ، واختُلِف: هل من شرط صحَّة الهبة القبض، أم لا؟ فالجمهور وهو قولُ الشَّافعيِّ الجديدُ والكوفيِّين: أنَّها لا تُمْلَك إلَّا بالقبض، لقول أبي بكر الصِّدِّيق لعائشةَ في مرضه، فيما نحلها في صحَّته من عشرين وَسْقًا: «ودِدت أنكِ حُزْتِه أو قبضتِه (١)، وإنَّما هو اليوم مال الوارث»، ولأنَّه عقدُ إرفاق كالقرض، فلا يُملَك إلَّا بالقبض، وفي القديم: تصحُّ بنفس العقد، وهو مشهورُ مذهبِ المالكيَّة، وقالوا: تبطل إن لم يقبضها الموهوب له حتَّى وهبها الواهب لغيره، وقبضها الثَّاني، وهو قول أَشْهب ومحمَّد، وعن ابن القاسم مثلُه، وهو قول الغير في «المدوَّنة» ولابن القاسم أنَّها للأوَّل. قال محمد: وليس بشيء، والحائز أَولى. وقال المِرْدَاويُّ من الحنابلة: وتصحُّ بعقدٍ، وتُمْلَك به أيضًا، ولو مُعَاطاةً بفعل، فتجهيز بنته بجهاز إلى الزَّوج تمليكٌ، وهو كبيعٍ في تراخي قبوله وتقديمه وغيرهما، وتلزم بقبضٍ كمبيع بإذن واهب إلَّا ما كان في يد متَّهبه، فيلزم بعقدٍ، ولا يحتاج إلى مضيِّ مدَّة يتأتَّى قبضه فيها. وعنه -أي: عن أحمد (٢) - يلزم في غير مكيل وموزون ومعدود ومذروع بمجرَّد الهبة، ولا يصحُّ قبضٌ إلَّا بإذن واهب. انتهى.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «اللِّباس» [خ¦٥٨٠٠] و «الشَّهادات» [خ¦٢٦٥٧] و «الخمس» [خ¦٣١٢٧] و «الأدب» [خ¦٦١٣٢]، ومسلمٌ في «الزَّكاة» وأبو داود في «اللِّباس» (٣) والتِّرمذيُّ في «الاستئذان».

(٢٠) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (إِذَا وَهَبَ) رجل (هِبَةً، فَقَبَضَهَا الآخَرُ) الموهوب له (وَلَمْ يَقُلْ: قَبِلْتُ) جازت، واشترط الشَّافعية الإيجابَ والقَبول فيها كسائر التَّمليكات، بخلاف صحَّة


(١) كذا ولعله: «حزتيه أو قبضتيه».
(٢) «أي: عن أحمد»: سقط من (د ١) و (ص) و (ج).
(٣) قوله: «والشهادات … في اللباس» سقط من (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>