للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٤٤) (بَابُ) حكم (تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا، وأنَّ النَّاسَ فِي مَسْجِدِ الحَرَامِ) بالتَّنكير في الأوَّل، ولأبي ذرٍّ: «في المسجد الحرام» بالتَّعريف فيهما (سَوَاءٌ خَاصَّةً) قيدٌ للمسجد الحرام، أي: المساواة إنَّما هي في نفس المسجد لا في سائر المواضع من مكَّة (لِقَوْلِهِ تَعَالَى) تعليلٌ لقوله: وأنَّ الناس في المسجد الحرام سواءٌ: (﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾) أي: أهل مكَّة (﴿وَيَصُدُّونَ﴾) يصرفون النَّاس (﴿عَن سَبِيلِ اللهِ﴾) عن دين الإسلام، قال البيضاويُّ -كالزَّمخشريِّ-: لا يريد به حالًا ولا استقبالًا، وإنَّما يريد استمرار الصَّدِّ منهم ولذلك حَسُنَ عطفه على الماضي، وقِيلَ: هو حالٌ من فاعل ﴿كَفَرُوا﴾ (﴿وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾) عُطِفَ على ﴿سَبِيلِ (١) اللهِ﴾ يعني: وعن المسجد الحرام، والآية مدنيَّةٌ؛ وذلك أنَّ النَّبيَّ لمَّا خرج مع أصحابه عام (٢) الحديبية منعهم المشركون عن المسجد الحرام (﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ﴾ [الحج: ٢٥]) ﴿سَوَاء﴾: رُفِع على أنَّه خبرٌ مُقدَّمٌ، و ﴿الْعَاكِفُ﴾ و ﴿وَالْبَادِ﴾: مبتدأٌ مُؤخَّرٌ، وإنَّما وُحِّد الخبر وإن كان المبتدأ اثنين لأنَّ «سواءً» في الأصل مصدرٌ وُصِف به، وقرأ حفصٌ: ﴿سَوَاء﴾ بالنَّصب على أنَّه مفعولٌ ثانٍ لـ «جعل» إن جعلناه يتعدَّى لمفعولين، وإن قلنا: يتعدَّى لواحدٍ كان حالًا من هاء ﴿جَعَلْنَاهُ﴾ وعلى التَّقديرين: فـ ﴿الْعَاكِفُ﴾ مرفوعٌ على الفاعليَّة لأنَّه مصدرٌ وُصِف به (٣)، فهو في قوَّة اسم الفاعل المشتقِّ، تقديره: جعلناه مستويًا فيه العاكف والبادي، والمراد بـ ﴿وَالْمَسْجِدِ﴾: الذي يكون فيه النُّسك والصَّلاة لا سائر دور مكَّة، وأوَّله أبو حنيفة بمكَّة، واستشهد (٤) بقوله: ﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء﴾ على عدم جواز بيع دورها وإجارتها، وهو مع


(١) في غير (م): «اسم الله».
(٢) في (د) و (م): «من»، وفي (ص): «عن».
(٣) «به»: مثبتٌ من (ب) و (س).
(٤) في غير (ص) و (م): «واستدلَّ».

<<  <  ج: ص:  >  >>