للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكانت غايةُ أحدهم الذبَّ عن نفسهِ، أو يستمرَّ على بصيرته في القتَال حتى يُقْتلَ وهم الأكثرُ، والثالثةُ ثبتَتْ معهُ ، ثمَّ تراجعَتْ الثانيةُ لمَّا عرفوا أنَّه حيٌّ (فَذَاكَ إِذْ يَدْعُوهُمُ الرَّسُولُ) بقوله: «إليَّ عباد الله، إليَّ عباد الله» (فِي أُخْرَاهُمْ) في آخرِهم، ومن ورائهم.

وتقدم هذا الحديث قريبًا [خ¦٤٠٤٣] وأخرجه أيضًا في «التفسير» [خ¦٤٥٦١].

(٢١) هذا (بابٌ) بالتَّنوينِ في قولهِ تعالى: (﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا﴾) ثمَّ أنزلَ اللهُ الأمنَ على المؤمنينَ وأزالَ عنهم الخوفَ الَّذي كانَ بهم حتَّى نَعِسوا وغلبَهُمُ النَّوم. قالَ أبو البقاءِ: والأصلُ: أنزلَ عليكُم نُعاسًا ذَا أمنَةٍ؛ لأنَّ النُّعاسَ ليسَ هو الأمنُ بل هو الَّذي حصلَ بهِ (١) الأمنُ (﴿يَغْشَى﴾) النُّعاس (﴿طَآئِفَةً مِّنكُمْ﴾) هم أهلُ الصِّدق واليَقينِ (﴿وَطَآئِفَةٌ﴾) هم المنافقونَ لم يغشهُم النُّعاسُ (﴿قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ﴾) ما يهمُّهم إلَّا همُّ أنفسهم وخلاصها، لا همُّ الدِّين، ولا همُّ رسولِ الله ، وإنَّما هُم مستغرقونَ في همِّ أنفسهِم، فلذا لم تنزِلْ عليهِم السَّكينةُ؛ لأنَّها واردٌ رُوحانيٌّ لا يتلوَّثُ بهم (﴿يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ﴾) الظَّنِّ (﴿الْحَقِّ﴾) الَّذي يجبُ أن يُظنَّ به، وهو أنَّه لا ينصُرُ محمدًا وأصحابَهُ (﴿ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ﴾) أي: الظَّنَّ المختصَّ بالملَّةِ الجاهليَّةِ، أو ظنَّ أهلِ الجاهليَّةِ (﴿يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ﴾) الَّذي يعدُنَا بهِ محمدٌ من النَّصر والظَّفر (﴿مِن شَيْءٍ﴾) إنَّما هو للمُشركين استفهامٌ على سبيلِ الإنكارِ (﴿قُلْ﴾) يا محمد لهؤلاءِ المنافقين: (﴿إِنَّ الأَمْرَ﴾) النَّصرَ والظَّفر (﴿كُلَّهُ لِلَّهِ﴾) يصرفهُ حيثُ


(١) «به»: ليست في (ص).

<<  <  ج: ص:  >  >>