للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَائِدَةٍ أُخْرَى، وَلَكِنْ يُنَاوِلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي تِلْكَ المَائِدَةِ) لأنَّه صارَ لهم بالدَّعوة عمومُ إذنٍ بالتَّصرُّف في الطَّعام المدعوِّ إليه بخلافِ من لم يُدْعَ (أَوْ يَدَعُوا) أي: يتركوا ذلك، والَّذي في «اليونينيَّة»: «أو يدع» بغير واو.

والحاصل: أنَّه يُنزَّل من وضع بين يديه الشَّيء منزلة (١) من دُعي له، ويُنَزَّل الشَّيء الَّذي وضع بين يدي غيره منزلةَ من لم يُدع إليه، وكأن المؤلِّف استنبطَ هذا من استئذانهِ الدَّاعي في الرَّجل الَّذي تبعهُم، قاله في «الفتح».

ومقتضاه: أنَّه لا يطعمُ هرَّة ولا سائلًا إلَّا إن علمَ رضاهُ به للعرفِ في ذلك، وله تلقيمُ صاحبه، وتقريبُ المضيف الطَّعام للضَّيف إذنٌ له في الأكلِ اكتفاء بالقرينةِ العُرفية إلا (٢) إن انتظر المضيف غيره، فلا يأكل إلَّا بالإذن لفظًا، أو بحضورِ الغير لاقتضاءِ القرينة عدم الأكلِ بدون ذلك، ويملكُ ما التقمَهُ بوضعهِ في فمهِ. وهذا ما اقتضَى كلام الرَّافعيِّ في «الشرح الصغير» ترجيحه، وصرَّح بترجيحهِ القاضي والإسنوي، وقضيَّة كلام المتولِّي ترجيحُ أنَّه يتبيَّن بالازدرادِ أنَّه ملكه، وقيل: يملكُه بوضعهِ بين يديه، وقيل: بتناولهِ بيدهِ، وقيل: لا يملكُه أصلًا بل شِبْه الَّذي يأكلُه كشبهِ العاريةِ.

وتظهرُ فائدة الخلاف فيما لو أكل الضَّيف تمرًا وطرح نواه فنبت، فلمن يكون شجره؟ وفيما لو رجع فيه صاحب الطَّعام قبل أن يبلعه، وسقطَ لغير المُستملي قوله: «قال محمد بن يوسف … » إلى آخره.

وأمَّا المطابقة بين الحديث والتَّرجمة فمن حيث إنَّه تكلَّف حصرَ العدد بقولهِ: خامس خمسةٍ، ولولا تكلُّفه لما حصرَ.

(٣٥) (بابُ مَنْ أَضَافَ رَجُلًا إِلَى طَعَامٍ، وَأَقْبَلَ هُوَ) أي: الَّذي أضاف (عَلَى عَمَلِهِ) ولم (٣) يأكل مع من أضافَه، وسقطَ لأبي ذرٍّ «إلى طعام».


(١) في (د): «بمنزلة».
(٢) في (ب) و (د): «لا».
(٣) في (د): «فلم».

<<  <  ج: ص:  >  >>