للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً﴾ (﴿وَخِيفَةً﴾ [الأعراف: ٢٠٥]) أي: (خوفًا) قاله أبو عبيدة، وقال ابن جريجٍ في قوله تعالى: ﴿ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا﴾ (﴿وَخُفْيَةً﴾ [الأعراف: ٥٥]) أي: سرًّا (مِنَ الإِخْفَاءِ) المشهورُ أنَّ المزيد فيه مأخوذٌ من الثُّلاثيِّ -وهو الخفاء- دون العكس، وإنَّما قال: من الإخفاء؛ نظرًا إلى أنَّ الاشتقاق أن تنتظم الصِّيغتان معنًى واحدًا.

وقوله: (﴿وَالآصَالِ﴾) في قوله تعالى: ﴿بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ﴾ [الأعراف: ٢٠٥] قال أبو عبيدة: (وَاحِدُهَا: أَصِيلٌ؛ وَهُوَ مَا بَيْنَ العَصْرِ إِلَى المَغْرِبِ؛ كَقَوْلِكَ) وفي نسخةٍ وهي التي في «اليونينيَّة» (١): «كقوله»: (﴿بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان: ٥]) والتقييد بالوقتين؛ لأنَّ بالغداة ينقلب من الموت إلى الحياة، ومن الظُّلمة التي تُشاكِلُ العدم إلى النُّور المناسِب للوجود، وفي الآخر بالعكس، وثبت قوله: «وهو» للأبوين (٢).

(١) (﴿إِنَّمَا﴾) وفي نسخةٍ: «﴿قُلْ إِنَّمَا﴾» ولأبي ذرٍّ: «باب قول الله ﷿: ﴿قُلْ إِنَّمَا﴾» (﴿حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ﴾) ما تَزَايَدَ قُبحه، وقيل: ما يتعلَّق بالفُروج، وقيل: الكبائر، وقيل: الطَّواف بالبيت عُراةً؛ وهو قول ابن عبَّاسٍ، ويؤيِّده السِّياق؛ فإنَّ قوله: ﴿يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا﴾ [الأعراف: ٢٧] يدلُّ على وجه التشبيه في قوله: ﴿لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ﴾ [الأعراف: ٢٧] أي: لا تتَّصفوا بصفةٍ يوقعِكم الشَّيطان بسببها في الفتنة؛ وهي العري في الطَّواف، فتُحْرَموا دخول الجنَّة كما حرَّمَها على أبويكم حين أخرجهما من الجنَّة، وقد يقال: الحَمْلُ على الأعمِّ من جميعها أَولى؛ محافظةً على الحصر المستفاد من ﴿إِنَّمَا﴾ لكن إن فُسِّر الإثم بكلِّ الذُّنوب -كما قيل- لم يُحتَج إليه، وقيل: الخمر، وعورض بأنَّ تحريمها بالمدينة، وهذه مكِّيَّةٌ (﴿مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ﴾ [الأعراف: ٣٣]) جهرها وسرَّها، وعن ابن عبَّاسٍ فيما رواه ابن جريرٍ قال: كانوا في الجاهليَّة لا يَرَونَ بالزِّنى بأسًا في السِّرِّ، ويستقبحونه في العلانية، فحرَّم الله الزِّنى في السِّرِّ والعلانية.


(١) «وهي التي في «اليونينيَّة»»: ليس في (د) و (م).
(٢) قوله: «وثبت قوله: وهو للأبوين»، سقط من (د) و (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>