الَّذي يخالط النَّاس ويصبر على أذاهم أعظمُ أجرًا من الَّذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم».
وحديث الباب أخرجه البخاريُّ أيضًا في «الرِّقاق»[خ¦٦٤٩٤]، ومسلمٌ وأبو داود في «الجهاد»، وابن ماجه في «الفتن».
٢٧٨٧ - وبه قال:(حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة (عَنِ الزُّهْرِيِّ) محمَّد بن مسلم أنَّه (قَالَ: أَخْبَرَنِي) بالإفراد (سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ)﵁(قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «قال»: (مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ) أي: الله أعلم بعقد نيَّته إن كانت خالصةً لإعلاء كلمته، فذلك المجاهد في سبيله وإن كان في نيَّته حبُّ المال والدُّنيا واكتساب الذِّكر، فقد أشرك مع سبيل الله الدُّنيا، والجملة معترضةٌ بين قوله:«مَثَل المجاهد في سبيل الله» وبين قوله: (كَمَثَلِ الصَّائِمِ) نهارَه (القَائِمِ) ليله، وزاد مسلمٌ من طريق أبي صالحٍ عن أبي هريرة:«كمثل الصَّائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيامٍ ولا صلاةٍ» وزاد النَّسائيُّ من هذا الوجه: «الخاشع الرَّاكع السَّاجد» ومثَّله بالصَّائم، لأنَّ الصَّائم ممسكٌ لنفسه عن الأكل والشُّرب واللَّذَّات، وكذلك المجاهد ممسكٌ لنفسه على محاربة العدوِّ، وحابسٌ نفسَه على مَن يقاتله، وكما أنَّ الصَّائم القائم الَّذي لا يفتر ساعةً من العبادة مستمرُّ الأجر، كذلك المجاهد لا يضيع ساعةً من ساعاته بغير أجرٍ. قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ﴾ إلى قوله: ﴿إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [التوبة: ١٢٠].
(وَتَوَكَّلَ اللهُ) أي: تكفَّل الله تعالى على وجه الفضل منه (لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ) أي: بتوفِّيه بدخوله الجنَّة في الحال بغير حسابٍ ولا عذابٍ، كما ورد: «إنَّ