للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٢٠) (بابُ) حكم (كَسْبِ البَغِيِّ) بفتح المُوحَّدة وكسر الغين المعجمة وتشديد التَّحتيَّة، أي: الزَّانية (وَ) حكم كسب (الإِمَاءِ) البغايا، والممنوع كسب الأَمة بالفجور لا بالصَّنائع الجائزة (وَكَرِهَ إِبْرَاهِيمُ) النَّخعيُّ فيما وصله ابن أبي شيبة (أَجْرَ النَّائِحَةِ وَالمُغَنِّيَةِ) من حيث إنَّ كلًّا منهما معصيةٌ، وإجارته باطلةٌ كمهر البغيِّ (وَقَوْلُِ اللهِ تَعَالَى) بالجرِّ عطفًا على «كسب» (١)، أو بالرَّفع على الاستئناف: (﴿وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ﴾) أي: إماءكم (﴿عَلَى الْبِغَاء﴾) أي: الزِّنا، وكان أهل الجاهليَّة إذا كان لأحدهم أَمةٌ أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبةً يأخذها منها كلَّ وقتٍ، فلمَّا جاء الإسلام نهى الله المؤمنين عن ذلك، وكان سبب نزول هذه (٢) الآية ما رواه الطَّبريُّ: أنَّ عبد الله بن أبيٍّ أمر أمةً له بالزِّنا، فجاءت ببردٍ، فقال: ارجعي فازْني على آخر، فقالت: ما أنا براجعةٍ، فنزلت، وهذا أخرجه مسلمٌ من طريق أبي سفيان عن جابرٍ مرفوعًا، وروى أبو داود والنَّسائيُّ من طريق أبي الزُّبير: سمع جابرًا قال: جاءت مُسَيْكة -أَمَةٌ لبعض الأنصار- فقالت: إنَّ سيِّدي يُكرِهني على البغاء، فنزلت، والظَّاهر أنَّها نزلت فيهما، وسمَّاها الزُّهريُّ: مُعاذة (﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾) قال في «الكشَّاف»: فإن قلت: لِمَ أقحم قوله: ﴿إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ قلت: لأنَّ الإكراه لا يتأتَّى إلَّا مع إرادة التَّحصُّن، وآمر المؤاتية (٣) للبغاء لا يُسمَّى مُكْرِهًا، ولا أَمْرُه (٤) إكراهًا، وكلمة «إن» وإيثارها على «إذا» إيذانًا بأنَّ الباغيات كنَّ يفعلن ذلك برغبةٍ وطواعيةٍ منهنَّ، وأنَّ ما وُجِد من مُعاذة ومُسَيْكة من حيِّز الشَّاذِّ النَّادر (﴿لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾) من خراجهنَّ وأولادهنَّ (﴿وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ﴾) لهنَّ (﴿غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [النور: ٣٣]) وقال الزَّمخشريُّ: لهم، أو لهنَّ، أو لهم ولهنَّ إن تابوا وأصلحوا، وقال أبو حيَّان في «البحر»: ﴿فَإِنَّ اللهَ مِن


(١) زيد في (ص): «البغيِّ».
(٢) «هذه»: ليس في (د).
(٣) في (د): «الزَّانية».
(٤) في (د): «أمرها».

<<  <  ج: ص:  >  >>