للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحرام ينصرفُ إلى نيَّة القائل، ولذا (١) صدَّر الباب بقول الحسنِ، وهذه عادتُه في موضعِ الاختلاف مهما صدَّر به من النَّقل عن صحابيٍّ أو (٢) تابعيٍّ فهو اختيارهُ، وحاشا البخاريَّ أن يستدلَّ بكون الثَّلاث تحرِّم أنَّ كلَّ تحريمٍ له حكم الثَّلاث مع ظهورِ منع الحصر لأنَّ الطَّلقة الواحدة تحرِّم غير (٣) المدخولِ بها مطلقًا، والبائنُ تحرِّم المدخول (٤) بها إلَّا بعقدٍ جديدٍ، وكذا الرَّجعيَّة إذا انقضت عدَّتها فلم ينحصرِ التَّحريم في الثَّلاث، وأيضًا فالتَّحريم أعمُّ من التَّطليق ثلاثًا، فكيف يستدلُّ بالأعمِّ على الأخصِّ؟

(وَلَيْسَ هَذَا) التَّحريم المذكور في المرأة (كَالَّذِي يُحَرِّمُ الطَّعَامَ) على نفسه (لأَنَّهُ لَا يُقَالُ لِطَعَامِ الحِلِّ) ولأبي ذرٍّ: «للطَّعام الحلِّ»: (حَرَامٌ) قال الشَّافعيُّ: وإن حرَّم طعامًا وشرابًا فلغوٌ (وَيُقَالُ لِلْمُطَلَّقَةِ: حَرَامٌ) خلافًا لما (٥) نُقل عن أصبغ وغيره ممَّن سوَّى بين الزَّوجة والطَّعام والشَّراب، وقد ظهرَ أنَّ الشَّيئين وإن (٦) استويا من جهةٍ فقد يفترقان من جهةٍ أخرى، فالزَّوجة إذا حرَّمها على نفسهِ وأراد بذلك تطليقَها حرمتْ عليه، والطَّعام و (٧) الشَّراب إذا حرَّمه على نفسه لم يحرَّم عليه ولا يلزمه كفَّارة لاختصاصِ الإبضاعِ بالاحتياط وشدَّة قبولها التَّحريم، ولذا احتجَّ باتِّفاقهم على أنَّ المرأةَ بالطَّلقة الثَّالثة تحرمُ على الزَّوج، فقال:

(وَقَالَ) تعالى: (فِي الطَّلَاقِ ثَلَاثٌ) بالرفع في الفرع، وفي «اليونينيَّة»: «ثلاثًا» بالنصبِ، ويشبه أن تكون الألف ملحقةً بعد المثلَّثة: (﴿لَا تَحِلُّ لَهُ﴾) من بعد (﴿حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ [البقرة: ٢٣٠]).

٥٢٦٤ - (وَقَالَ اللَّيْثُ) بن سعدٍ الإمام ممَّا وصلَه أبو الجهم العلاءُ بن موسى الباهليُّ في «جزء» له (عَنْ


(١) في (ص): «لذلك».
(٢) في (ب): «عن».
(٣) في (ص): «عين».
(٤) في (د): «بالدُّخول».
(٥) في (د): «لمن».
(٦) في (م) و (د): «إذا».
(٧) في (ب): «أو».

<<  <  ج: ص:  >  >>