للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٨٥ - وبالسَّند قال: (حَدَّثَنَا) بالجمع، ولأبوي ذرٍّ والوقت: «حدَّثني» (عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) المُسنَديُّ-بفتح النُّون أو بكسرها- قال: (حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ) بفتح الجيم، قال: (حَدَّثَنَا أَبِي) جريرُ بن حازمٍ قال: (سَمِعْتُ يُونُسَ) بن يزيد الأيليَّ (عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزُّهريِّ (عَنْ أَنَسٍ) هو ابن مالكٍ (، عَنِ النَّبِيِّ ) أنَّه (قَالَ: اللَّهُمَّ؛ اجْعَلْ بِالمَدِينَةِ ضِعْفَيْ) تثنية: ضِعْفٍ -بالكسر- قال في «القاموس»: ضِعْف الشَّيء: مثله، وضِعْفاه: مثلاه، أو الضِّعْف: المِثْل إلى ما زاد، ويُقال: لك ضِعْفُه؛ يريدون: مِثْلَيه وثلاثةَ أمثاله لأنَّه زيادةٌ غير محصورةٍ، وقول الله تعالى: ﴿يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: ٣٠] أي: ثلاثةَ أعذبةٍ، ومَجازُ يُضاعَف؛ أي يُجعَل إلى الشَّيء شيئان حتَّى يصير ثلاثةً. انتهى.

وقال الفقهاء في الوصيَّة: بضعف نصيب ابنه: مثلاه، وبضعفيه: ثلاثة أمثاله عملًا بالعرف في الوصايا، وكذا في الأقارير نحو: له عليَّ ضعف درهمٍ، فيلزمه درهمان لا العمل باللُّغة، والمعنى هنا: اللَّهمَّ اجعل بالمدينة مِثْلَيِ (مَا جَعَلْتَ بِمَكَّةَ مِنَ البَرَكَةِ) أي: الدُّنيويَّة؛ إذ هو مجملٌ فسَّره الحديث الآخر [خ¦١٨٨٩] «اللَّهمَّ بارك لنا في صاعنا ومدِّنا»، فلا يُقال: إنَّ مقتضى إطلاق البركة أن يكون ثواب صلاة المدينة ضعفي ثواب الصَّلاة بمكَّة، أو المراد: عموم البركة، لكن خُصَّت الصَّلاة ونحوها بدليلٍ خارجيٍّ، فاستدلَّ به على تفضيل المدينة على مكَّة، وهو ظاهرٌ من هذه الجهة، لكن لا يلزم من حصول أفضليَّة المفضول في شيءٍ من الأشياء ثبوت الأفضليَّة على الإطلاق، وأيضًا لا دلالة في تضعيف الدُّعاء للمدينة على فضلها على مكَّة؛ إذ لو كان كذلك للزم أن يكون الشَّام (١) واليمن أفضل من مكَّة لقوله في الحديث الآخر [خ¦١٠٣٧]: «اللَّهمَّ بارك لنا في شامنا ويمننا» -أعادها ثلاثًا- وهو باطلٌ لما لا يخفى، فالتَّكرير للتَّأكيد، والمعنى واحدٌ، قال الأبيُّ: ومعنى: «ضعف ما بمكَّة» أنَّ المراد: ما أشبع بغير مكَّة


(١) في (س): «الشَّأم»، وكذا في الموضع اللَّاحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>