للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العاص، أنَّه قال: «يشتدُّ كَرب النَّاس ذلك اليوم حتَّى يُلْجِم الكافرَ العرقُ، قيل له: فأين المؤمنون؟ قال: على كراسيٍّ من ذهبٍ ويُظلَّلُ عليهم الغمامُ».

وقال الشَّيخ عبد الله بن أبي جمرة: هو مخصوصٌ بالبعض (١) وإن كان ظاهره التَّعميم بالبعض وهُم الأكثر (٢). ويُستثنى الأنبياء والشُّهداء ومَن شاء الله، فأشدُّهم في العرقِ الكفَّار، ثمَّ أصحاب الكبائر، ثمَّ من بعدهم والمسلمون منهم قليلٌ بالنِّسبة إلى الكفَّار. وعن سلمان -ممَّا أخرجه ابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» واللَّفظ له بسندٍ جيِّدٍ، وابن المبارك في «الزُّهد» - قال: «تعطي الشَّمسُ يوم القيامة حرَّ عشر سنين، ثمَّ تدنو من جَماجم النَّاس حتَّى تكونَ قاب قوسٍ، فيعرقونَ حتَّى يرشحَ العرقُ في الأرض قامةً، ثمَّ يرتفع حتَّى يُغرغر الرَّجل». زاد ابنُ المبارك في روايته: «ولا يضرُّ حرُّها يومئذٍ مؤمنًا ولا مؤمنةً».

والمراد -كما قال القرطبيُّ-: من يكون كاملَ الإيمان لِمَا ورد أنَّهم يتفاوتون في ذلك بحسب أعمالهم. وفي روايةٍ صحَّحها ابن حبَّانٍ: «إنَّ الرَّجل ليُلجمه العرقُ يوم القيامة حتَّى يقولَ: يا ربِّ أرحنِي ولو إلى النَّار».

وحديثُ الباب أخرجهُ مسلمٌ في «صفة النَّار»، أعاذنَا الله منها، ومن كلِّ مكروهٍ بمنِّه وكرمهِ.

(٤٨) (بابُ) كيفيَّة (القِصَاصِ) بكسر القاف (يَوْمَ القِيَامَةِ، وَهْيَ) أي: يوم القيامة (الحَاقَّةُ؛ لأَنَّ فِيهَا الثَّوَابَ وَحَوَاقَّ الأُمُورِ. الحَقَّةُ وَالحَاقَّةُ) بفتح الحاء المهملة وتشديد القاف في الكلِّ (وَاحِدٌ) في المعنى، قاله الفرَّاء في «معاني القرآن». وقال غيره: الحاقَّة الَّتي يحقُّ وقوعها، أو الَّتي تحقُّ فيها الأمور، أي: تُعْرَفُ حقيقتها، أو تقع حواقُّ الأمورِ من الحساب والجزاءِ على الإسنادِ المجازي (وَالقَارِعَةُ) من أسماء يوم القيامة أيضًا؛ لأنَّها تَقرع القلوب بأهوالها (وَ) كذا من أسمائها (الغَاشِيَةُ) لأنَّها تَغشى النَّاس بشدائدها (وَالصَّاخَّةُ) مأخوذةٌ من قوله: صخَّ فلانٌ فلانًا إذا أصمَّه، وسُمِّيت بذلك؛ لأنَّ صيحةَ القيامة مُسمعةٌ لأمورِ الآخرة، ومُصِمَّةٌ عن أمورِ


(١) «بالبعض»: ليست في (س).
(٢) «بالبعض وهُم الأكثر»: ليست في (ع).

<<  <  ج: ص:  >  >>