للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيَّده بالشَّهوة الَّتي هي أخسُّ أحوال البهيمة. وقد تقرَّر عند ذوي البصائر: أنَّ إتيان النِّساء لمجرَّد الشَّهوة مسترذل، فكيف بالرِّجال؟ وضمَّ إليه من دون النِّساء، وآذن بأنَّ ذلك ظلمٌ فاحشٌ ووضعٌ للشَّيء في غير موضعه، ثمَّ أضرب عن الكلِّ بقوله: ﴿بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ﴾ أي: كيف يُقال لمن يرتكب هذه الشَّنعاء: وأنتم تعلمون؟ فأَولى حرفَ الإضراب ضمير «أنتم» (١)، وجعلهم قومًا جاهلين، والتفت في ﴿تَجْهَلُونَ﴾ موبِّخًا معيِّرًا. انتهى. ولما بيَّن تعالى جهلهم، بيَّن أنَّهم أجابوا بما لا يصلح أن يكون جوابًا، فقال: (﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾) خبرٌ مقدَّمٌ (﴿إِلَّا أَن قَالُوا﴾) في موضع الاسم (﴿أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾) أي: يتنزَّهون عن أفعالنا الَّتي هي إتيان أدبار الرِّجال، قالوه تهكُّمًا واستهزاءً (﴿فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا﴾) قضينا عليها وجعلناها بتقديرنا (﴿مِنَ الْغَابِرِينَ﴾) من الباقين في العذاب (﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا﴾) وهو الحجارة (﴿فَسَاء﴾) فبئس (﴿مَطَرُ الْمُنذَرِينَ﴾ [النمل: ٥٤ - ٥٨]) أي: مطرهم، فالمخصوص بالذَّمِّ محذوفٌ، وسقط لأبي ذرٍّ قوله: «﴿وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ﴾ إلى آخر: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا﴾»، وقال بعد قوله: «﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ﴾ إلى قوله: ﴿فَسَاء مَطَرُ الْمُنذَرِينَ﴾».

٣٣٧٥ - وبه قال: (حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ) الحكم بن نافعٍ قال: (أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ) هو ابن أبي حمزة قال: (حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ) عبد الله بن ذكوان (عَنِ الأَعْرَجِ) عبد الرَّحمن (٢) بن هرمز (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ: يَغْفِرُ اللهُ لِلُوطٍ إِنْ كَانَ) أي: إنَّه كان (لَيَأْوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) إلى الله تعالى.

وسبق هذا الحديث في «باب قوله (٣) ﷿: ﴿وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِ بْراَهِيمَ﴾ [الحجر: ٥١]» [خ¦٣٣٧٢].


(١) في (د): «اسم»، وهو تحريفٌ.
(٢) زيد في (د) و (م): «هو».
(٣) في (د): «قول الله».

<<  <  ج: ص:  >  >>