للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نقيبًا، وإذا ثبت هذا فقد دلَّ قطعًا: أنَّ هذه المبايعةَ كانت ليلة العقبة الأولى؛ لأنَّ الواقعة بعد الفتح كان فيها الرِّجال والنِّساء معًا، مع العدد الكثير. انتهى.

(وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ) المذكور (شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللهُ) وفي رواية ابن عساكرَ -وعَزَاها الحافظ ابن حجرٍ لكريمةَ- زيادة: «عليه» (فَهُوَ) مفوَّضٌ (إِلَى اللهِ) تعالى (إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ) بفضله (وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ) بعدله. (فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ) ومفهوم هذا يتناول مَنْ تاب ومَنْ لم يَتُبْ، وأنَّه لم يتحتَّم دخوله النَّار، بل هو إلى مشيئة الله تعالى، وقال الجمهور: إنَّ التَّوبة ترفع المُؤاخَذة. نعم؛ لا يأمن من مكر الله تعالى لأنَّه لا اطِّلاع له على قبول توبته، وقال قومٌ: بالتَّفرقة بين ما يجب فيه الحدُّ وما لا يجب، فإن قلت: ما الحكمة في عطف الجملة المتضمِّنة للعقوبة على ما قبلها بالفاء، والمتضمِّنة للسَّتر بـ «ثمَّ»؟ أُجِيب: باحتمال أنَّه للتَّنفير عن مُواقَعَة المعصية، فإنَّ السَّامع إذا علم أنَّ العقوبة مفاجئةٌ لإصابة المعصية غير متراخيةٍ عنها، وأنَّ السَّتر مُتَرَاخٍ؛ بعثه ذلك على اجتناب المعصية وتوقِّيها، قاله في «المصابيح».

ورجال إسناد هذا الحديث كلُّهم شاميُّون، وفيه التَّحديث والإخبار والعنعنة، وفيه رواية قاضٍ عن قاضٍ أبو إدريس وعبادةُ، ورواية من رآه عمَّن رآه؛ لأنَّ أبا إدريسَ له رؤيةٌ، وأخرجه المؤلِّف أيضًا في «المغازي» [خ¦٣٩٩٩] و «الأحكام» [خ¦٧٢١٣] وفي «وفود الأنصار» [خ¦٣٨٩٢] وفي «الحدود» [خ¦٦٧٨٤]، ومسلمٌ في «الحدود» أيضًا، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ، وألفاظهم مختلفةٌ.

ولمَّا فرغ المصنِّف من تلويحه بمناقب الأنصار؛ مِنْ بذلهم أرواحَهم وأموالَهم في محبَّة الرَّسول فرارًا بدينهم من فِتَنِ الكفر والضَّلال، شرع يذكر فضيلة العزلة والفرار من الفتن، فقال:

(١٢) هذا (بابٌ) بالتَّنوين (مِنَ الدِّينِ الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ) ولم يقل: مِنَ الإيمان لمراعاة لفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>