فحلف أبوها ليقتلنَّ كلَّ بنتٍ تُولَد له، فتُوبِع على ذلك، وأكثر من كان يفعل ذلك منهم من الإملاق، وقوله:«يحيي الموؤدة» هو مجازٌ عن الإبقاء وذلك أنَّه (يَقُولُ لِلرَّجُلِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَ ابْنَتَهُ: لَا تَقْتُلْهَا، أَنَا أَكْفِيكَهَا) ولأبي ذرٍّ وابن عساكر: «أنا أكفيك»(مَؤُونَتَهَا فَيَأْخُذُهَا) من أبيها ويقوم بما تحتاج إليه (فَإِذَا تَرَعْرَعَتْ) برائين وعينين مُهمَلاتٍ، أي: نشأت (قَالَ لأَبِيهَا: إِنْ شِئْتَ دَفَعْتُهَا إِلَيْكَ، وَإِنْ شِئْتَ كَفَيْتُكَ مَؤُونَتَهَا) وعند الفاكهيِّ من حديث عامر بن ربيعة حليف بني عديِّ بن كعبٍ، قال: قال لي زيدُ بن عمرٍو: إنِّي خالفت قومي واتَّبعت ملَّة إبراهيم وإسماعيل وما كانا يعبدان، وأنا أنتظر نبيًّا من بني إسماعيل، ولا أراني أدركه، وأنا أؤمن به وأصدِّق وأشهد أنَّه نبيٌّ، وإن طالت بك حياةٌ فأقرئه منِّي السَّلام، قال عامرٌ: فلمَّا أسلمت أعلمتُ النَّبيَّ ﷺ خبره، قال: فردَّ عليه السَّلام وترحَّم عليه، وقال:«لقد رأيتُه في الجنَّة يسحب ذيولًا» وفي روايةِ أبي أسامة المذكورة (١): «سُئِل النَّبيُّ ﷺ عن زيدٍ، فقال: يُبعَث يوم القيامة أمَّةً وحده بيني وبين عيسى ابن مريم» وروى أبو عمر: أنَّه كان يقول: يا معشر قريشٍ إيَّاكم والرِّبا؛ فإنَّه يورث الفقر، وروى الزُّبير بن بكَّارٍ من طريق هشام بن عروة قال: بلغنا أنَّ زيدًا كان بالشَّام، فبلغه مخرج النَّبيِّ ﷺ فأقبل يريده، فقُتِل بمَيْفَعة من أرض البلقاء، وقال ابن إسحاق: لمَّا توسَّط بلاد لخمٍ قتلوه، وقيل: إنَّه مات قبل المبعث بخمس سنين عند بناء قريشٍ الكعبة.
(٢٥)(باب بُنْيَانِ الكَعْبَةِ) في الجاهليَّة على يد قريشٍ في زمن النَّبيِّ ﷺ قبل بعثته، وعند ابن إسحاق وغيره: أنَّ قريشًا لمَّا بنت الكعبة كان عُمْرُ النَّبيِّ ﷺ يومئذٍ خمسًا وعشرين سنةً، وسقط لفظ «باب» لأبي ذرٍّ فتاليه مرفوعٌ.