أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ) أبيه وأمِّه (وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) هو من باب عطف العامِّ على الخاصِّ، وهل تدخل النَّفس في عموم النَّاس؟ الظَّاهر: نعم، وقِيلَ: إضافة المحبَّة إليه تقتضي خروجه منهم؛ فإنَّك إذا قلت: جميع النَّاس أحبُّ إلى زيدٍ من غلامه؛ يُفهَم منه خروج زيدٍ منهم، وأُجِيب: بأنَّ اللَّفظ عامٌّ، وما ذُكِرَ ليس من المُخصِّصات، وحينئذٍ فلا يخرج، وقد وقع التَّنصيص بذكر النَّفس في حديث عبد الله بن هشامٍ الآتي إن شاء الله تعالى [خ¦٦٦٣٢] والمُرَاد هنا: المحبَّة الإيمانيَّة؛ وهي اتِّباع المحبوب، لا الطَّبيعيَّة، ومن ثمَّ لم يحكم بإيمان أبي طالبٍ مع حبِّه له ﵊ على ما لا يخفى، فحقيقة الإيمان لا تتمُّ ولا تحصل إلَّا بتحقيق إعلاء قَدْرِهِ ومنزلته على كلِّ والدٍ وولدٍ ومحسنٍ، ومن لم يعتقد هذا فليس بمؤمنٍ، وفي «المواهب اللَّدنيَّة بالمنح المحمَّديَّة» ممَّا جمعته في ذلك ما يشفي ويكفي.
ولمَّا ذَكَرَ المؤلِّف في هذا الباب أنَّ حبَّه ﵊ من الإيمان أَرْدَفَه بما يُوجِدُ حلاوة ذلك، فقال:
(٩) هذا (بابُ: حَلَاوَةِ الإِيمَانِ) ومراده: أنَّ الحلاوة من ثمراته، فهي أصلٌ زائدٌ عليه، وقد سقط لفظ «باب» عند الأَصيليِّ، كما في فرع «اليونينيَّة» كهي.
١٦ - وبالسَّند السَّابق إلى المؤلِّف رحمه الله تعالى قال:(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى) بالمُثلَّثة، ابن عبيدٍ العَنَزِيُّ-بفتح المُهمَلة والنُّون بعدها زايٌ- نسبةً إلى عَنَزَةَ بن أسدٍ، حيّ من ربيعة، البصريُّ،