وسكون الفاء، نصيبٌ (مِنْهَا) قال الحُميديُّ: (وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة: (مِنْ دَمِهَا؛ لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ القَتْلَ أَوَّلًا) على وجه الأرض من بني آدم، وسقط لأبي ذرٍّ «أوَّل مَنْ».
وفي الحديث الحثُّ على اجتناب البدع والمُحْدَثات في الدِّين؛ لأنَّ الذي يُحدِثُ البدعة ربَّما تهاون بها لخفَّة أمرها في الأوَّل، ولا يشعر بما يترتَّب عليها من المفسدة، وهو أن يلحقه إثمُ من عمل بها مِنْ بعده؛ إذ كان الأصلَ في إحداثها.
والحديث سبق في «خلق آدم»[خ¦٣٣٣٥].
(١٦)(بابُ مَا ذَكَرَ النَّبِيُّ ﷺ) بفتح الذَّال المعجمة والكاف، و «النَّبيُّ» رفع فاعلٍ (وَحَضَّ) بحاءٍ مهملةٍ مفتوحةٍ وضادٍ معجمةٍ مشدَّدةٍ، أي: حَرَّضَ (عَلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ العِلْمِ) قال في «الكواكب»: في بعض الرِّوايات: «وما حضَّ عليه من اتِّفاق أهل العلم» وهو من باب تنازع العاملين؛ وهما:«ذَكَرَ» و «حَضَّ»(وَمَا أَجْمَعَ) بهمزة قطعٍ، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيهَنيِّ:«وما اجتمع» بهمزة وصلٍ وزيادة فوقيَّةٍ بعد الجيم (عَلَيْهِ الحَرَمَانِ: مَكَّةُ وَالمَدِينَةُ) أي: ما اجتمع عليه أهلهما من الصَّحابة، ولم يخالف صاحبٌ مَن غيرهما، والإجماع اتِّفاق المجتهدين من أمَّة محمَّدٍ ﷺ على أمرٍ من الأمور الدِّينيَّة، بشرط أن يكون بعد وفاته ﷺ، فخرج بالمجتهدين العوامُّ، وعُلِمَ اختصاصه بالمجتهدين، والاختصاص بهم اتِّفاقٌ، فلا عبرة باتِّفاق غيرهم اتِّفاقًا، وعُلِمَ عدم انعقاده في حياته ﷺ من قوله:«بعد وفاته»، ووجهه أنَّه إن وافقهم فالحُجَّة في قوله، وإلَّا، فلا اعتبار بقولهم دونه، وعُلم أنَّ إجماع كلٍّ من أهل المدينة النَّبويَّة وأهل البيت النبويِّ -وهم فاطمة، وعليٌّ، والحسن، والحُسين ﵁ والخلفاء الأربعة: أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ ﵃، والشَّيخين: أبي بكرٍ وعمر، وأهل الحرمَين: مكَّة والمدينة، وأهل المِصْرَين: -الكوفة والبصرة- غير حُجَّةٍ؛ لأنَّه اجتهادُ بعض مُجتهدي (١) الأمَّة، لا كلُّهم، خلافًا لمالكٍ في