للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بابها، قالت: فكشف السِّتر على بناتٍ لعائشة لُعَبْ. فقال: «ما هذا يا عائشة؟» قالت: بناتي. قالت: ورأى فرسًا مربوطًا له جناحان. فقال: «ما هذا؟» قلت: فرسٌ. قال: «فرسٌ (١) له جناحان» قلت: ألم تسمعْ أنَّه كان لسليمان خيلٌ لها أجنحةٌ فضحكَ. فهذا صريحٌ في أنَّ المراد باللُّعب غير الآدميَّات، خلافًا لمن زعم أنَّ معنى الحديث: اللَّعب مع البنات، أي: الجوارِي، والباء هنا (٢) بمعنى مع، واستدلَّ بالحديث على جواز اتِّخاذ اللُّعب من أجل لعبِ البنات بهنَّ، وخُصَّ ذلك من عموم النَّهي عن اتِّخاذ الصُّور، وبه جزم القاضي عياضٌ، ونقله عن الجمهورِ وأنَّهم أجازوا بيع اللُّعب للبناتِ لتدريبهنَّ من صغرهنَّ على أمرِ بيوتهنَّ وأولادهنَّ. قالت عائشة : (وَكَانَ لِي صَوَاحِبُ) أي: جوارٍ من أقراني (يَلْعَبْنَ مَعِي) بهنَّ (فَكَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا دَخَلَ) على الحجرةِ (يَتَقَمَّعْنَ) بتحتية وفوقية وقاف وميم مشددة وعين مهملة ساكنة، بوزن: يتفعَّلنَّ، ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي بإسقاط التحتية، وللكُشميهنيِّ -كما في «الفتح» -: «ينْقمِعنَ» بنون ساكنة بعد التحتية وكسر الميم، أي: يتغيَّبن (مِنْهُ) يدخلنَ وراء السِّتر، وأصلُه من قمعِ الثَّمرة، أي: يدخلنَ في السِّتر، كما تدخل الثَّمرة في قَمعها (فَيُسَرِّبُهُنَّ) بسين مهملة مفتوحة وراء مشددة مكسورة بعدها موحدة، أي: يبعثهنَّ ويرسلهنَّ (إِلَيَّ فَيَلْعَبْنَ مَعِي).

والحديثُ أخرجه مسلمٌ في «الفضائل».

(٨٢) (بابُ) استحبابِ (المُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ) وهي لينُ الكلامِ وترك الإغلاظِ في القولِ، وهي من أخلاقِ المؤمنين، والفرقُ بينهما وبين المداهنةِ المحرَّمة أنَّ المداراة الرِّفق بالجاهل في التَّعليم، والفاسق في النَّهي عن فعلهِ، وترك الإغلاظ عليهِ حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكارُ عليه باللُّطف حتَّى يرد عمَّا هو مرتكبهُ. والمدَاهنة معاشرةُ المعلنِ بالفسقِ، وإظهارُ الرِّضا بما هو فيه من غيرِ إنكارٍ عليه باللِّسان ولا بالقلبِ.


(١) «قال فرس»: ليست في (د).
(٢) «هنا»: ليست في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>