للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليك (وَبِكَ) أي: بما آتيتني من البراهين والحجج (خَاصَمْتُ) مَنْ خاصمني من الكفَّار (وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ) كلَّ من أبى قبول ما أرسلتني به (فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ) وسقط لفظ «ما» الثَّانية في رواية أبي ذرٍّ (وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ) بغير «ما» فيهما، وقاله تواضعًا و (١) تعليمًا لنا (أَنْتَ إِلَهِي لَا إِلَهَ لِي غَيْرُكَ).

ومطابقة الحديث للتَّرجمة في قوله: «أنت ربُّ السَّموات والأرض» أي: أنت مالكهما وخالقهما.

والحديث سبق في «صلاة اللَّيل» [خ¦١١٢٠] وفي «الدَّعوات» [خ¦٦٣١٧].

وبه قال: (حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ مُحَمَّدٍ) العابد الكوفيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) الثَّوريُّ (بِهَذَا) السَّند والمتن المذكورين (وَقَالَ: أَنْتَ الحَقُّ) أي: المتحقَّق وجوده (وَقَوْلُكَ الحَقُّ) وهذا يأتي إن شاء الله تعالى في قوله: «باب قوله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢]» [خ¦٧٤٤٢].

(٩) (بابٌ) بالتَّنوين (﴿وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [النساء: ١٣٤]) ولغير أبي ذرٍّ: «قولُ الله تعالى» بالرَّفع: «﴿وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾» وقد عُلِم بالضَّرورة من الدِّين وثبت في الكتاب والسُّنَّة بحيث لا يمكن إنكاره ولا تأويله: أنَّ الباري تعالى حيٌ سميعٌ بصيرٌ، وانعقد إجماع أهل الأديان بل جميع العقلاء على ذلك، وقد يُستَدلُّ على الحياة بأنَّه عالمٌ قادرٌ، وكلُّ عالمٍ قادرٍ حيٌّ بالضَّرورة، وعلى السَّمع والبصر بأنَّ كلَّ حيٌّ يصحُّ كونه سميعًا بصيرًا، وكلُّ ما يصحُّ للواجب من الكمالات يثبت بالعقل (٢)؛ لبراءته عن أن يكون له ذلك بالقوَّة والإمكان، وعلى الكلِّ بأنَّها صفات كمالٍ قطعًا، والخلوُّ عن صفات الكمال في حقِّ من يصحُّ اتِّصافه بها نقصٌ، وهو على الله تعالى مُحالٌ، قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ [الأنعام: ٨٣] وقد ألزم أباه الحجَّة بقوله: ﴿لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ﴾ [مريم: ٤٢] فأفاد أنَّ عدمهما نقصٌ لا يليق بالمعبود، ولا يلزم من قدمهما قدم المسموعات والمبصَرات، كما لا يلزم من قدم العلم قدم المعلومات؛ لأنَّها صفاتٌ قديمةٌ يحدث لها تعلُّقات بالحوادث، ولا يقال: إنَّ معنى: سميعٌ


(١) في غير (د) و (ع): «أو».
(٢) في (د): «بالفعل».

<<  <  ج: ص:  >  >>