ولمَّا فرغ المؤلِّف من عرض القراءة شَرَعَ يذكر المُنَاوَلَة، فقال:
(٧)(بابُ مَا يُذْكَرُ) بضمِّ الياء وفتح الكاف (فِي المُنَاوَلَةِ) المقرونة بالإجازة؛ وهي أن يعطيَ الشَّيخُ الكتابَ للطَّالب ويقول: هذا سماعي من فلانٍ أو تصنيفي، وقد أجزت لك أن ترويَه عنِّي، وهي حالَّةٌ محلَّ السَّماع عند يحيى بن سعيدٍ الأنصاريِّ، ومالكٍ، والزُّهريِّ، فيسوغ فيها التَّعبير بالتَّحديث والإخبار، لكنَّها أحطُّ مرتبةً من السَّماع عند الأكثرين، وهذه غير عرض المُنَاوَلَة السَّابق؛ الذي هو أن يُحْضِرَ الطَّالبُ الكتابَ، على أنَّ الجمهور سوَّغوا الرِّواية بها، وتقييد المُناوَلَة باقتران الإجازة مُخْرِجٌ لِمَا إذا ناول الشَّيخُ الكتابَ للطَّالب من غير إجازةٍ، فإنَّه لا تسوغ الرِّواية بها على الصَّحيح، ثمَّ عطف المؤلِّف على قوله:«في المُناوَلَة» قوله: (وَكِتَابِ أَهْلِ العِلْمِ بِالعِلْمِ إِلَى) أهل (البُلْدَانِ) بضمِّ المُوحَّدة، وأهل القرى والصحارى وغيرهما، والمُكاتَبَة صورتها: أن يكتبَ المحدِّثُ لغائبٍ بخطِّه، أو يأذنَ لثقةٍ يكتب، سواءٌ كان لضرورةٍ أم لا، وسواء سُئِلَ في ذلك أم لا، فيقول بعد البسملة: من فلان بن فلانٍ، ثمَّ يكتب شيئًا من مرويِّه حديثًا فأكثر، أو من تصنيفه أو نظمه، والإذن له في روايته عنه؛ كأن يكتب: أجزت لك ما كتبته لك، أو ما كتبت به إليك، ويرسله إلى الطَّالب مع ثقةٍ مُؤتَمَنٍ بعد تحريره بنفسه، أو بثقةٍ مُعتَمَدٍ وشدِّه وختمه احتياطًا؛ ليحصل الأمن من توهُّم تغييره، وهذه في القوَّة والصِّحَّة كالمُناوَلَة المقترنة بالإجازة، كما مشى عليه المؤلِّف حيث قال:«ما يُذكَر في المُناوَلَة وكتابِ أهل العلم بالعلم إلى البلدان»، لكن قد رجَّح قومٌ -منهمُ الخطيبُ- المُناوَلَة عليها لحصول المشافَهَة فيها بالإذن دون المُكاتَبَة، وهذا وإن كان مُرجَّحًا فالمُكاتَبَة أيضًا