للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما الأثلبُ؟ قال: «الحجرُ». وقد دلَّ حديث ابن زَمْعة على أنَّ الأَمَةَ تصير فراشًا بالوطء، فإذا اعترف السَّيِّد بوطءِ أمتهِ، أو ثبت ذلك بطريقٍ شرعيٍّ، ثمَّ أتت بولد لمدَّة الإمكان بعد الوطءِ لحقهُ من غير استلحاقٍ كما في الزَّوجة، لكنَّ الزَّوجة تصيرُ فراشًا بمجرَّد العقد، فلا يشترطُ في الاستلحاقِ إلَّا الإمكان؛ لأنَّها ترادُ للوطءِ، فجعل العقد عليها كالوطءِ، بخلاف الأَمَةِ فإنَّها تُراد لمنافع أخرى فاشتُرط في حقِّها الوطء، هذا قول الجمهور. وعن الحنفيَّة: لا تصيرُ الأمة فراشًا إلَّا إذا ولدت من السَّيِّد ولدًا ولحق به، فمهمَا ولدتْ بعد ذلك لحقه إلَّا أن ينفيه، وعن الحنابلة: من اعترفَ بالوطء فأتت منه لمدَّةِ الإمكانِ لحقَهُ، وإن ولدت منه أوَّلًا فاستلحقهُ لم يلحقْه ما بعده إلَّا بإقرارٍ مستأنَفٍ على الرَّاجح عندهم، ونُقِلَ عن الشَّافعيِّ رحمة الله تعالى عليه، أنَّه قال: إنَّ لقولهِ: «الولدُ للفراش» معنيين: أحدهما: هو له (١) ما لم ينفهِ، فإذا نفاهُ بما شُرِعَ له كاللِّعان انتفى عنه، والثَّاني: إذا تنازعَ ربُّ الفراشِ والعاهر، فالولدُ لربِّ الفراش.

قال في «فتح الباري»: الثَّاني ينطبقُ على خصوصِ الواقعة، والأوَّل أعمُّ. قال: وحديث: «الولدُ للفراشِ» قال ابنُ عبد البرِّ: من أصحِّ ما يروى عن النَّبيِّ ، فقد جاء عن بضعة وعشرين نفسًا من الصَّحابة، والله الموفِّق.

(١٩) هذا (بابٌ) بالتَّنوين يذكرُ فيه: (الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَ) باب يذكرُ (٢) فيه (مِيرَاثُ اللَّقِيطِ) وهو صغيرٌ أو مجنون منبوذٌ لا كافل له.

(وَقَالَ عُمَرُ) بن الخطَّاب : (اللَّقِيطُ حُرٌّ) لأنَّ غالب النَّاس أحرارٌ إلَّا أن تقام بيِّنة برِقِّه متعرِّضةٌ لسبب الملك كإرثٍ وشراء، فلا يكفي مُطلق الملك؛ لأنَّا لا نأمنُ أن يعتمدَ الشَّاهد ظاهر اليد، وفارقَ غيرَه كثوبٍ ودارٍ بأنَّ أمر الرِّقِّ خَطِرٌ فاحتيطَ فيه وولاؤهُ لبيت المالِ عند مالكٍ والشَّافعيِّ وأحمد لحديث: «إنَّما الولاءُ لمَن أعتَق» إذ مقتضاه: أنَّ من لم يعتقْ لا ولاء


(١) قوله: «هو له» زيادة من الفتح.
(٢) في (س): «ذكر».

<<  <  ج: ص:  >  >>