للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٣٩) (بَابُ) قوله تعالى: (﴿نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ﴾) مبتدأٌ وخبرٌ، وجاز الإخبار عن الجُثَّةِ بالمصدر؛ إمَّا للمبالغة أو على حذف مضافٍ من الأوَّل، أي: وطءُ نسائكم حرثٌ، أي: كحرثٍ، أو الثَّاني، أي: نساؤكم ذوات حرثٍ، و ﴿لَّكُمْ﴾ في موضع رفعٍ صفةً لـ ﴿حَرْثٌ﴾ متعلِّقٍ (١) بمحذوفٍ، وأفرد الخبرَ والمبتدأُ جمعٌ؛ لأنَّه مصدرٌ، والأفصح فيه الإفراد والتَّذكير حينئذٍ وقال في «الكشَّاف»: ﴿حَرْثٌ لَّكُمْ﴾: مواضع حرثٍ لكم، وهذا مجازٌ، شُبِّهنَ (٢) بالمحارث تشبيهًا لِمَا يُلقَى في أرحامهنَّ من النُّطف التي منها النَّسل بالبذور، قال في «المصابيح»: قوله: وهذا مجاز؛ قيل: باعتبار إطلاق الحرث على مواضع الحرث، وقيل: باعتبار تغيُّر حكم الكلمة في الإعراب من جهة حذف المضاف؛ كما في: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢] وقيل: باعتبار حمل المشبَّه به على المشبَّه بعد حذف الأداة؛ كما في: زيدٌ أسدٌ، فكثيرًا ما يقال له: المجاز وإن لم يكن له استعارةٌ، وكأنَّ التَّجوُّز في ظاهر الحكم بأنَّه هو، ثمَّ أشار إلى أنَّ هذا التَّشبيه متفرِّعٌ على تشبيه النُّطف الملقاة في أرحامهنَّ بالبذور؛ إذ لولا اعتبار ذلك؛ لم يكن بهذا الحُسْنِ، وقيل: المراد بالمجاز: الاستعارة بالكناية؛ لأنَّ في جعل النِّساء محارث دلالةً على أنَّ النُّطف بذورٌ، على ما أشار إليه بقوله: «تشبيهًا لِمَا يُلقى … » إلى آخره، كما تقول: إنَّ هذا الموضع لمفتَرَسُ الشُّجعان، قال المولى سعد الدِّين التَّفتازانيُّ: ولا أرى ذلك جاريًا على القانون إلَّا أن يُقال: التَّقدير: نساؤكم حرثٌ لنطفكم؛ ليكون المشبَّه مصرَّحًا والمشبَّه به مكنيًّا. انتهى. وقد رُوِيَ عن مقاتلٍ: فروج نسائكم مزرعةٌ للولد (٣) (﴿فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ﴾) أي: فأتوهنَّ كما تأتون المحارث (﴿أَنَّى شِئْتُمْ﴾) أي: كيف شئتم؛ مستقبلين ومستدبرين إذا كان في صِمَامٍ واحدٍ، وقيل: ﴿أَنَّى﴾ بمعنى: حيث،


(١) في (د): «فيتعلَّق».
(٢) في (د): «شبَّههنَّ».
(٣) في (ص): «للبذر» وليس بصحيحٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>