للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بخيطين: أبيض وأسود، واكتفى ببيان الخيط الأبيض بقوله: (﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾) عن بيان الخيط الأسود لدلالته عليه، وبذلك خرجا من الاستعارة إلى التَّمثيل، ويجوز أن تكون «من» للتَّبعيض، فإنَّ ما يبدو بعض الفجر، وما رُوِي-أنَّها نزلت ولم ينزل: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ فكان (١) رجالٌ إذا أرادوا الصَّوم ربط أحدهم في رجله الخيط فنزلت- لعلَّه كان قبل دخول رمضان، وتأخير البيان إلى وقت الحاجة جائزٌ، أو اكتفى أوَّلًا باشتهارهما في ذلك، ثمَّ صرَّح بالبيان لمَّا التبس على بعضهم، وذكر في «الفتح» و «العمدة» و «التَّنقيح» و «المصابيح»: أنَّ حديث عديٍّ يقتضي نزول قوله تعالى: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ متَّصلًا بقوله: ﴿مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ﴾ وحديث سهل بن سعدٍ صريحٌ في أنَّه لم ينزل إلَّا منفصلًا، فإن حُمِل على واقعتين في وقتين فلا إشكال، وإلَّا احتمل أن يكون حديث عديٍّ متأخِّرًا عن حديث سهلٍ، فإنَّما سمع الآية مُجرَّدةً، فحملها على ما وصل إليه فهمه حتَّى يتبيَّن له الصَّواب، وعلى هذا يكون ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ متعلِّقًا بـ ﴿يَتَبَيَّنَ﴾، وعلى مقتضى حديث سهلٍ يكون في موضع الحال متعلِّقًا بمحذوفٍ. انتهى. وليس في حديث عديٍّ هنا عند المؤلِّف -بل ولا في «التَّفسير» [خ¦٤٥١١]- ذكرُ: ﴿مِنَ الْفَجْرِ﴾ أصلًا، فليُتأمَّل، نعم ثبت ذكره في روايته عند مسلمٍ في «صحيحه» (فَعَلِمُوا) أي: الرِّجال، أي: الصَّحابة (٢) (أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي) بقوله: الخيط الأبيض والخيط الأسود: (اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ) ولابن عساكر: «من النَّهار».

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في «التَّفسير» [خ¦٤٥١١]، وكذا النَّسائيُّ.

(١٧) (بابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ) فيما رواه مسلمٌ من حديث سمرة: (لَا يَمْنَعَنَّكُمْ) بنون التَّوكيد الثَّقيلة، ولأبي ذرٍّ عن الكُشْمِيْهَنِيِّ: «لا يمنعْكم» بإسقاطها وجزم العين (مِنْ سَحُورِكُمْ) بفتح السِّين: اسم ما يتسحَّر به (أَذَانُ بِلَالٍ).


(١) في غير (ص) و (م): «وكان».
(٢) «أي: الصحابة»: مثبتٌ من (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>