للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٥٥٨ - وبه قال: (حَدَّثَنَا عَلِيُّ (١) بْنُ عَبْدِ اللهِ) المدينيُّ قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) بن عيينة (قَالَ: قَالَ عَمْرٌو) وهو ابن دينارٍ: (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: فِينَا نَزَلَتْ: ﴿إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا﴾ [آل عمران: ١٢٢]) أي: أن (٢) تَجْبُنا وتتخلَّفا عن الرَّسول ، وتذهبا مع عبد الله بن أُبيٍّ، وكان ذلك في غزوة أحُدٍ (﴿وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا﴾) أي: عاصِمُهما عن اتِّباع تلك الخَطْرة التي ليست عزيمةً، بل حديث نفسٍ، وكيف تكون عزيمةً والله تعالى يقول: ﴿وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا﴾؟ والله تعالى لا يكون وليَّ مَن عزم على خذلان رسوله (٣) ومتابعة عدوِّه عبد الله بن أُبيٍّ، ويجوز أن تكون عزيمةً كما قال ابن عبَّاسٍ، ويكون قوله: ﴿وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا﴾ جملةً حاليَّةً مقرِّرةً (٤) للتَّوبيخ والاستبعاد، أي: لمَ وُجِدَ منهما الفشل والجبن وتلك العزيمة والحالُ أنَّ الله بجلاله وعظمته هو النَّاصر لهما، فما لهما يفشلان؟! (قَالَ) أي: جابرٌ: (نَحْنُ الطَّائِفَتَانِ؛ بَنُو حَارِثَةَ) وهم من الأوس (وَبَنُو سَلِمَةَ) بكسر اللَّام، وهم من الخزرج (وَمَا نُحِبُّ -وَقَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة في روايته (مَرَّةً: وَمَا يَسُرُّنِي) بدل «وما نحبُّ» - (أَنَّهَا) أي: الآية (لَمْ تُنْزَلْ؛ لِقَوْلِ اللهِ) تعالى: (﴿وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا﴾) ومفهومه: أنَّ نزولها سرَّه؛ لِمَا حصل لهم من الشَّرف وتثبيت الولاية، ودلَّ ذلك على أنَّه سرَّتهم تلك الهمَّة (٥) العارية عن العزم، نعم كلامُ ابن عبَّاسٍ السَّابق مبنيٌّ على التَّوبيخ، وينصره قوله تعالى: ﴿وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٢] فإنَّه يأبى إلَّا أن يكون تعريضًا (٦) وتغليظًا في هذا المقام، وكذا قوله تعالى: ﴿فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [آل عمران: ١٢٣] مشتملٌ على تشديدٍ عظيمٍ؛ يعني: فاتَّقوا الله في الثَّبات معه ولا تضعفوا، فإنَّ -نعمته وهي نعمة الإسلام- لا يُقابَل شكرُها إلا ببذل المُهَج، وبفداء الأنفس، فاثبتوا معه؛ لعلَّكم تُدرِكون (٧) شكر هذه النِّعمة، وكلُّ هذه التَّشديدات لا تَرِدُ على حديث النَّفس، وأمَّا قول جابرٍ: «نحن بنو سَلِمة وبنو حارثة» وامتيازه إيَّاهما عن


(١) في (م): «محمَّد» وليس بصحيحٍ.
(٢) «أن»: مثبتٌ من (ص).
(٣) في (د): «رسول الله».
(٤) في (د): «مقدَّرةً»، وفي (م): «مقيِّدة».
(٥) في (ص): «التُّهمة»، وهو تحريفٌ.
(٦) في (م): «تفويضًا» وهو تحريفٌ.
(٧) في (د): «تذكرون».

<<  <  ج: ص:  >  >>