للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حظَّه منه كثيرًا (فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ) عند الطَّبخ (وَعِلَاجَهُ) عند تحصيلِ الآنية (١) وتركيبه وإصلاحه. وفي رواية لأحمد: «فإنَّه ولي حرَّه ودخانه» والأمر هنا للنَّدب، وينبغِي أن يلحق بهذا الَّذي طبخ مَن حَمَلَه أو عايَنَه ولو هرًّا أو كلبًا لتعلُّق نفسه به، فربَّما وقع الضَّرر للآكل منه، فينبغِي إطعامه من ذلك لتسكن نفسُه ويتَّقي شرَّ عينه.

وقد قيل: إنَّه ينفصلُ من البصر سمومٌ تركبُ الطَّعام لا دواء لها إلَّا بشيءٍ يطعمه من ذلك الطَّعام للنَّاظر إليه.

(٥٦) هذا (٢) (بابٌ) بالتَّنوين: (الطَّاعِمُ) وهو كما في «القاموس» وغيره: الحسن الحال في المطعم (الشَّاكِرُ) لربِّه تعالى على ما أنعم به عليه من الثَّواب (مِثْلُ الصَّائِمِ الصَّابِرِ) على الجوع، والطَّاعم مبتدأ، ومثل الصَّائم خبره. فإن قلت: قد تقرَّر في علم البيان أنَّ التَّشبيه يستدعي الجهة الجامعة والشُّكر نتيجة النَّعماء كما أنَّ الصَّبر نتيجةَ البلاء، فكيف شبَّه الشَّاكر بالصَّابر؟ أجيب (٣) بأنَّ هذا تشبيه في أصلِ ما لكلِّ واحدٍ منهما من الأجرِ لا في المقدارِ، وهذا كما يقال: زيدٌ كعمرو إذ (٤) معناه: زيدٌ يشبه عمرًا في بعض الخصالِ ولا يلزم منه المماثلةُ في جميعها، فلا تلزم المماثلةُ في الأجر أيضًا.

وقال شارح (٥) «المشكاة»: قد ورد: الإيمان نصفان: نصف صبر، ونصفٌ شكر، وربَّما يتوهَّم متوهِّمٌ أنَّ ثوابَ شُكر الطَّاعم يقصر عن ثواب صَبر الصَّائم (٦) فأزيلَ توهُّمه به يعني: هما سيان في الثَّواب.

قال: وفيه وجهٌ آخر وهو أنَّ الشَّاكر لمَّا رأى النِّعمة من الله وحبسَ نفسه على محبَّة المنعم بالقلبِ وأظهرها باللِّسان نالَ درجة الصَّابر قال:


(١) في (م) و (د): «الآلة».
(٢) في (د): «فيه».
(٣) في (س): «وأجيب».
(٤) في (ب) و (س): «فإن».
(٥) في (م): «في شرح».
(٦) في (ص): «الطاعم».

<<  <  ج: ص:  >  >>