للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يريد أنَّه ممَّا أُقيم فيه المسبَّب مقام السَّبب، ثمَّ إنَّ جنس الحمد -كما قاله بعض العلماء- لمَّا وقع ذكره بعد التَّقديس عن كلِّ ما لا يليق به تعالى بغير تخصيص بعض المحامد تضمَّن الكلام واستلزم (١) إثبات جميع الكمالات الوجوديَّة الجائزة له مطابقةً، ولزم منه التَّقديس عن كلِّ ما لا يليق به تعالى وهو كلُّ ما ينافيها ولا يجامعها، هذا مع أنَّ كلمة الجلالة تدلُّ على الذَّات المقدَّسة المستجمعة للكمالات أجمع، وكذا (٢) الضَّمير في «وبحمده» إلى الهويَّة (٣) الخاصَّة السَّبُّوحيَّة القدُّوسيَّة (٤) الجامعة لجميع خاصيَّات الذَّات الواجبة وخواصِّها، فهذه الكلمة اشتملت على اسمَي الذَّات اللَّذَين لا أجمع منهما أحدهما: فيه اعتبارٌ غلبة أحكام الشَّهادة والغيب، والآخر: فيه غلبة أحكام الغيب وغيب الغيب، وأيضًا تشتمل (٥) على جميع التَّقديسات والتَّنزيهات، وعلى جميع الأسماء والصِّفات، وعلى كلِّ توحيدٍ.

وختم بقوله: (سُبْحَانَ اللهِ العَظِيمِ) ليجمع بين مقامَي (٦) الرَّجاء والخوف؛ إذ معنى «الرَّحمن» يرجع إلى الإنعام والإحسان، ومعنى «العظيم» يرجع إلى الخوف من هيبته تعالى، وقوله «سبحان الله … » إلى آخره مبتدأٌ، وما بينه وبين الخبر صفةٌ له بعد صفةٍ، وقد أورد صاحب «المصابيح» سؤالين فقال: فإن قلت: المبتدأ مرفوعٌ و «سبحان الله» في المحلَّين معربٌ (٧) منصوبٌ؛ فكيف وقع مبتدأ مع ذلك؟ وأجاب: بأنَّ لفظهما محكيٌّ، وقال في الثَّاني: فإن قلت: الخبر مثنًّى، والمخبر عنه غير متعدِّدٍ ضرورةَ أنَّه ليس ثَمَّ حرف عطفٍ يجمعهما (٨)، ألا ترى أنَّه لا يصحُّ قولك: زيدٌ عمرٌو قائمان؟ وأجاب: بأنَّه على حذف العاطف، أي: «سبحان الله وبحمده» و «سبحان الله العظيم» كلمتان خفيفتان على اللِّسان … إلى آخره، وقد نصَّ أهل المعاني (٩) على


(١) في (د): «استلزام».
(٢) في (د): «وهذا».
(٣) في (د): «ألوهيَّة».
(٤) في (ب): «القدسيَّة».
(٥) في غير (ب) و (س): «يشتمل».
(٦) في (د): «معاني».
(٧) «معربٌ»: مثبتٌ من (ص) و (ع). وفي مطبوع المصابيح (١٠/ ٢٧٨): « … في المحلين مرفوع أو معرب منصوب».
(٨) في (ص) و (ع): «يجمعها».
(٩) في (ع): «المعلَّق»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>