للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتشبيه الكلاليبِ بشوك السَّعدان خاصٌّ بسرعة (١) اختطافها، وكثرة الانتشابِ فيها مع التَّحرُّز والتَّصوُّن تمثيلًا لهم بما عرفوهُ في الدُّنيا وألقوه بالمباشرةِ، ثمَّ استثنى إشارةً إلى أنَّ التَّشبيه لم يقعْ في مقدارهمَا، قاله الزَّين ابن المُنيِّر (مِنْهُمُ المُوبَقُ) بضم الميم وسكون الواو وفتح الموحدة بعدها قاف، الهالكُ (بِعَمَلِهِ) وهو الكافرُ (وَمِنْهُمُ المُخَرْدَلُ) بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة بينهما راء ساكنة، وهو المؤمنُ العاصي.

قال في «الفتح»: ووقع في رواية الأَصيليِّ هنا: «المجردل» بالجيم، والجردلةُ: الإشرافُ على السُّقوط، ووهَّاها (٢) القاضي عياض، ورجَّح ابنُ قُرْقُول روايةَ الخاء المعجمة. قال الهرويُّ: المعنى: أنَّ كلاليب النَّار تقطعه فيهوي في النَّار، أو من الخردلِ، أي: تجعل أعضاءَه كالخردلِ، أو المخردل: المصروع، ورجَّحه السَّفاقسيُّ، وقال (٣): هو أنسبُ لسياق (٤) الخبر.

(ثُمَّ يَنْجُو) من ذلك. وعن (٥) أبي سعيدٍ ممَّا رواه ابن ماجه مرفوعًا: «يوضعُ الصِّراط بينَ ظهراني جهنَّمَ على حسكٍ كحسَكِ السَّعدانِ، ثمَّ يستجيزُ النَّاسُ فناجٍ مسلَّمٌ ومخدُوشٌ بهِ، ثمَّ ناجٍ ومحتبَسٌ بهِ ومنكُوسٌ فيها» وفي حديث أبي سعيدٍ: «فناجٍ مسلَّمٌ، ومخدوشٌ مكدوسٌ في جهنَّم حتَّى يمرَّ آخرُهم فيُسحبُ سحبًا»، و «المكدُوسُ» -بالمهملة- في مسلمٍ، وروي بالمعجمة، ومعناه (٦): السَّوق الشَّديد، ويؤخذ منه كما في «بهجة النُّفوس»: أنَّ المارِّين على الصِّراط ثلاثة أصنافٍ: ناجٍ بلا خدْشٍ، وهالكٌ من أوَّل وَهلةٍ، ومتوسِّطٌ بينهما يُصاب ثمَّ ينجو، وكلُّ قسمٍ منها ينقسم أقسامًا كما يُعرف من قوله: «بقدرِ أعمالهم» وفيه -ممَّا ذَكره في «بهجة النُّفوس» -: أنَّ الصِّراط مع دقَّته وحدَّته يسع جميع المخلوقين منذُ آدم إلى قيام السَّاعة (حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللهُ) ﷿ (مِنَ القَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ) أي: حلَّ قضاؤه بهم (وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ) بضم أوَّله وكسر ثانيه (مِنَ النَّارِ (٧) مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «أن يخرجَه» (مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ


(١) في (ص): «لسرعة». والمثبت موافق للفتح.
(٢) في (ع): «رواها».
(٣) في (د): «وقيل».
(٤) في غير (د): «بسياق» والمثبت موافق لما في الفتح.
(٥) في (ع): «عند».
(٦) في (د): «معناه».
(٧) «من النار»: جاءت في (د) بعد قوله: «أن يخرج».

<<  <  ج: ص:  >  >>