للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا قولهم: «نعوذُ بالله منك» فقال الخطَّابيُّ: يُحتمل أن يكون صدر من المنافقين. وتعقِّب بأنَّه لا يصحُّ ولا يستقيم.

(فَيَأْتِيهِمُ اللهُ) فيتجلَّى للمسلمين بعد تمييزِ المنافقين (فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ) أي: في صفته الَّتي هو عليها من الجلالِ والكمال والتَّعالي عن صفاتِ الحدث (١) بعد أن عرَّفهم بنفسه الشَّريفة، ورفع الموانع عن أبصارهم (فَيَقُولُ) لهم: (أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ: أَنْتَ رَبُّنَا، فَيَتَّبَعُونَهُ) بتشديد الفوقية، ولم يضبط الفوقية في «اليونينية» بتشديدٍ ولا غيره، أي: أَمْرَ الله أو ملائكته الَّذين وكِّلوا بذلك (وَيُضْرَبُ) بضم أوله وفتح ثالثه (جَِسْرُ جَهَنَّمَ) بفتح الجيم وكسرها، وهو الصِّراط (قَالَ رَسُولُ اللهِ : فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ) زاد شعيبٌ في روايته الماضية في «فضل السُّجود» [خ¦٨٠٦]: «يجوزُ بأُمَّته»، وقال النَّوويُّ: أكونُ أنا وأمَّتِي أوَّلُ من يجوزُ على الصِّراط ويقطعهُ، وإذا كان هو وأُمَّته أوَّل مَن يجوزُ على الصِّراط لزم تأخيرُ غيرهم عنهم حتَّى يجوزوا (وَدُعَاءُ الرُّسُلِ) (يَوْمَئِذٍ: اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ) بتكرير «سلِّم» مرَّتين (وَبِهِ) بالصِّراط (كَلَالِيبُ) معلَّقةٌ مأمورةٌ بأخذ من أُمرت به.

قال ابن العربيِّ: وهذه الكلاليبُ هي الشَّهوات المشار إليها في حديث: «حفَّتِ النَّارُ بالشَّهواتِ» فالشَّهوات (٢) موضوعةٌ على جوانبها فمَن اقتحم الشَّهوة سقط في النَّار؛ لأنَّها خطاطيفُها. انتهى. والكلاليبُ المذكورة (مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ) بفتح السين وسكون العين وفتح الدال المهملات وبعد الألف نون، جمع: سعدانة، نباتٌ ذو شوكٍ (أَمَا) بالتَّخفيف (رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ؟ قَالُوا: بَلَى) رأيناها، ولأبي ذرٍّ: «قالوا: نعم» (يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ: فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ، غَيْرَ أَنَّهَا) أي: الشَّوكة (لَا يَعْلَمُ) ولأبي ذرٍّ عن الكُشميهنيِّ: «أنَّه» بضمير الشَّأن لا يَعرف (قَدْرَ عِظَمِهَا إِلَّا اللهُ) بكسر العين وفتح المعجمة. وقال السَّفاقسيُّ: ضبطناه بضم العين (٣) وسكون الظاء، والأوَّل أشبه لأنَّه مصدرٌ، لا يعلمُ قدر كبرها إلَّا الله (فَتَخْطَِفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ) بسبب أعمالهم القبيحة، و «تخطَِف» بفتح الطاء وكسرها.


(١) في (ب) و (س): «الحدوث».
(٢) في (د): «والشهوات».
(٣) في (د) زيادة: «المهملة».

<<  <  ج: ص:  >  >>