للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الَّذي يبقى نوعهُ (١) بالتَّوالد والتَّناسل، بل هو وجودٌ مستمرٌّ أزليٌّ أبديٌّ، و ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ دليلٌ على أنَّ وجودهُ ليسَ مثل وجودِ الإنسان (٢) الَّذي يتحصَّل بعد العدم، ويبقى دائمًا إمَّا في جنَّةٍ عاليةٍ لا يفنى، وإمَّا في هاويةٍ لا ينقطعُ ﴿وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٤] دليلٌ على أنَّ الوجودَ الحقيقيَّ الَّذي (٣) له تعالى هو الوجودُ الَّذي يُفيد وجود غيرهِ، ولا يستفيد (٤) الوجودَ من غيره، فقوله تعالى: ﴿اللهُ أَحَدٌ﴾ دليلٌ على إثباتِ ذاتهِ المقدَّسة (٥) المنزَّهة، والصَّمديَّة تقتضِي نفي الحاجة عنه، واحتياجَ غيرِه إليه، و ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ … إلى آخرِ السُّورة سلب ما يوصَف به غيرهُ عنه، ولا طريقَ في معرفتهِ تعالى أوضح من سلبِ صفاتِ المخلوقاتِ عنه.

ولمَّا اشتملتْ هذه السُّورة -مع قصرهَا- على جميعِ المعارفِ الإلهيَّة، والردِّ على من ألحدَ فيها؛ جاء أنَّها تعدلُ ثلثَ القرآنِ، كما سيأتي ذلك قريبًا إن شاء الله تعالى في «كتاب فضائلِ القُرآن» [خ¦٥٠١٣] وهل يحملُ ذلك على الإجزاءِ أم (٦) على غيرِها؟ فذهب الفقهاءُ والمفسِّرون إلى أنَّ لقارئها من الثَّواب ثلث ما لقارئ جملته، وليس في الجوابِ أكثر من أنَّ الله يهبُ ما يشاءُ لمن يشاء، وأجابَ المتكلِّفون بجوابٍ يمكنُ إرادتهُ، قالوا: القرآنُ ثلاثة أقسامٍ: قسمٌ فيما يجوزُ أن يوصفَ به وما لا يجوزُ، وقسمٌ من أمر الدُّنيا، وقسمٌ من أمرِ الآخرةِ، ولم تتضمَّن سورة الإخلاصِ غير القسمِ الواحد، فصارت تعدلُ ثلثهُ؛ ولهذا سمِّيت سورة الإخلاصِ؛ لأنَّها خلصت في صفاته خاصَّة، ويأتي مزيدٌ لذلك إن شاء الله تعالى في محلِّه قريبًا بعونِ الله وقوَّته، وسقط قوله: «كفؤًا وكفيئًا … » إلى آخره لغير أبي ذرٍّ.


(١) قوله: «الذي يبقى نوعه»: ليس في (ص).
(٢) قوله: «بالتوالد … الإنسان»: ليس في (ص) و (م).
(٣) في (ص) زيادة: «هو».
(٤) في (د): «يفيد».
(٥) في (م) زيادة: «ولا يبقى نوعه بالتأول والتناسل، بل هو وجود فيستمر أزلي وأبدي، ﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ دليل على أن وجوده ليس مثل وجود الإنسان المجرد من غيره، فقوله تعالى: ﴿اللهُ أَحَدٌ﴾ دليل إثبات ذاته المقدسة»، وهي تكرار.
(٦) في (ب) و (س): «أو».

<<  <  ج: ص:  >  >>