للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في الفَرْع كأصله (١): (كَذَّبَنِي ابْنُ آدَمَ) المنكرُ للبعثِ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) التَّكذيب (وَشَتَمَنِي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ) «الشَّتم» وثبتَ ذلك للكُشمِيهنيِّ (أَمَّا (٢)) ولأبي ذرٍّ: «فأمَّا» (تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: إِنِّي لَنْ أُعِيدَهُ كَمَا بَدَأْتُهُ) بغير فاء قبل همزة «أن»، وبه استدلَّ من جوَّز حذف الفاء من جواب «أمَّا» (وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ) بغير فاء أيضًا: (اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُؤًا أَحَدٌ) ولأبي ذرٍّ عن الحَمُّويي والمُستملي: «ولمْ يكُن لهُ» على طريقِ الالتفاتِ (﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ. وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ٣ - ٤]) قدَّم ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ وإن كان العُرف سَبْق المولود؛ لأنَّه الأهمُّ؛ لقولهم (٣): ﴿وَلَدَ اللهُ﴾ [الصافات: ١٥٢] وقوله: ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ كالحجَّة على أنَّه لم يلد، وقال في هذهِ السُّورة: ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ وفي الإسراءِ: ﴿لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا﴾ [الإسراء: ١١١] لأنَّ من النَّصارى من يقول: عيسى ولدُ الله حقيقةً، ومنهم من يقول: إنَّ الله اتَّخذه ولدًا تشريفًا، فنفى الأمرين، وسقط قوله: «﴿لَمْ يَلِدْ﴾ … » إلى آخره لأبي ذرٍّ.

(﴿كُفُوًا﴾) بضمَّتين (٤) (وَكَفِيئًا) بفتح الكاف وبعد الفاء المكسورة تحتية فهمزة بوزن فعيل (وَكِفَاءً) بكسر الكاف وفتح الفاء ممدودًا (وَاحِدٌ) في المعنى.

ونقل في «فتوح الغيب» عن الغزاليِّ أنَّه قال: الواحدُ هو الواحدُ الَّذي هو مدفوع الشَّركة، والأحدُ الَّذي لا تركيبَ فيه، فالواحدُ نفيٌ للشَّريك والمِثْل، والأحدُ نفيٌ للكثرةِ في ذاتهِ، فالصَّمد الغنيُّ المحتاجُ إليه غيره، وهو أحديُّ الذَّات، وواحديُّ الصِّفات؛ لأنَّه لو كان له شريكٌ في ملكهِ لما كان غنيًّا يحتاجُ إليه غيرهُ، بل كان محتاجًا في (٥) قوامهِ ووجودهِ إلى أجزاء تركيبيَّةٍ (٦)، فالصَّمد (٧) دليلٌ على الوحدانيَّة (٨) والأحديَّة، و ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ دليلٌ على أنَّ وجودهُ المستمر ليس مثل وجودِ الإنسان


(١) «كأصله»: ليست في (م) و (د).
(٢) في (د): «وأما».
(٣) في (م) و (ب): «كقولهم».
(٤) بضم الكاف والفاء مع الهمز على قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وشعبة والكسائي وأبي جعفر عن عاصم.
(٥) في (د): «إلى».
(٦) في (ص): «تركيبه» كذا في فتوح الغيب.
(٧) في (ل): «فالصَّمديَّة».
(٨) في (د): «الواحديَّة».

<<  <  ج: ص:  >  >>