للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ﴾ [الأعراف: ٢٠٠] لكن قال بعضُهم: لا يجوزُ حملُ الأُمنية على تمنِّي القلب؛ لأنَّه لو كان كذلك لم يكن ما يخطر بباله فتنةً للكفَّار، وذلك يبطلُه قولُه تعالى: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ [الحج: ٥٣] وأجيب بأنَّه لا يبعدُ أنَّه إذا قوي التمنِّي أن (١) يشتغل الخاطر، فيحصلَ السهوُ في الأفعال الظاهرة بسببه، فيصير ذلك فتنةً لهم.

(وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما (٢) وصله الطَّبريُّ من طريق ابن أبي نَجيحٍ عنه: (مَشِيدٌ) في قوله: ﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾ [الحج: ٤٥] أي: (بِالقَصَّةِ) بفتح القاف والصَّاد المهملة المشدَّدة (٣)، ولأبي ذرٍّ: «جِصٌّ» بكسر الجيم وتشديد الصَّاد المهملة والرفع، أي: هي جِصٌّ، وهذه ثابتةٌ لأبي ذرٍّ، و «المشِيدُ» بكسر المعجمة: الجِصُّ، وهو الكِلس، وقيل: المشِيد: المرفوع البُنيان، والمعنى: كم مِن قريةٍ أهلكنا، وكم مِن (٤) بئرٍ عطلنا عن سقاتها (٥)، وقصر مشيد أخليناه عن ساكنيه، وجعلنا ذلك عبرةً لمن اعتبر، وقيل: إنَّ البئرَ المعطَّلة والقصرَ المشِيد باليمن، ولكلٍّ أهلٌ، فكفروا فأهلكهم الله، وبقيا خاليين.

وذكر الإخباريُّون: أنَّ القصر من بناء شدَّاد بن عاد، فصار (٦) معطلًا، لا يستطيع أحد أن يقرب منه على أميال ممَّا يُسْمَع فيه من أصوات الجِنِّ المنكرة.

(وَقَالَ غَيْرُهُ) أي: غيرُ مجاهدٍ في قوله تعالى: ﴿يَكَادُونَ﴾ (﴿يَسْطُونَ﴾ [الحج: ٧٢]) أي: (يَفْرُطُونَ) بفتح التَّحتيَّة وسكون الفاء وضمِّ الراء المهملة؛ مِن باب نصر ينصر، مشتقٌّ (مِنَ السَّطْوَةِ) وهي القَهْرُ والغَلَبَة، وقيل: إظهارُ ما يَهُول للإخافة (وَيُقَالُ) هو قولُ الفرَّاء والزَّجَّاج: (يَسْطُونَ) أي: (يَبْطُِشُونَ) بكسر الطاء وضمِّها، والأوَّلُ لأبي ذرٍّ (٧)، والمعنى: أنَّهم يهمُّون


(١) «أن»: مثبت من (ص) و (م).
(٢) في (ب) و (س): «مما».
(٣) زيد في (د): «أي: مجصص، والقصة: الجص».
(٤) «من»: مثبت من (د) و (ص).
(٥) في (ب) و (د): «سقائها».
(٦) في (د): «وصار».
(٧) في (د): «والأول لأبي ذر»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>