للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

إذْ سدُّ هذا البابِ هو الصوابُ، وأربحُ للثواب، وإن كانتْ كثرةُ الطرقِ تدُلُّ على أنَّ لها أصلًا، لا سيَّما وقد رواها الطَّبريُّ من طريقين مرسلين رجالهما على شرط الصحيح؛ أوَّلُهما: طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب: حدَّثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام … ، فذكر نحوه، وثانيهما: (١) طريق المعتمر بن سليمان وحمَّاد بن سلمة، فرَّقهما عن داود بن أبي هند عن أبي العالية، وكذا طريق سعيد بن جُبيرٍ السَّابقة، وحينئذٍ فردُّها لا يتمشَّى على القواعد الحديثيَّة، بل ينبغي أنْ يَحتجَّ بهذه الثلاثة مَن يَحتجُّ بالمرسَل ومَن لا يَحتجُّ به؛ لاعتضادِ بعضِها ببعضٍ، كما قرَّره شيخُ الصَّنْعة وإمامُها الحافظ أبو الفضل ابن حَجَرٍ، وإذا سلَّمنا أنَّ لها أصلًا وجب تأويلُها، وأحسن ما قيل في ذلك: أنَّ الشيطان نطق بتلك الكلمات أثناء قراءة النبيِّ عند سكتةٍ مِنَ السكتاتِ محاكيًا نغمتَه، فسمِعَها منه (٢) القريب فظنَّها مِن قولِه وأشاعَها، وفي كتابي «المواهب اللدنية بالمنح المحمَّدية» زياداتٌ على ما ذكرتُه هنا، وقد قال مجاهدٌ: إنَّه كان يتمنَّى إنزال الوحي عليه بسرعة دون تأخيرٍ (٣)، فنسخ اللهُ ذلك بأنْ عرَّفه أنَّ إنزالَ ذلك بحسب المصالح في الحوادث والنوازل، وقيل: إنَّه كان يتفكَّر عند نزول الوحي في تأويله إذا كان مجملًا، فيُلقي الشيطان في جملته ما لم يُرِدْه، فبيَّن تعالى أنَّه ينسخ ذلك بالإبطال، ويُحكِمُ ما أراد بأدلَّته وآياته، وقيل: ﴿إِذَا تَمَنَّى﴾ أي: إذا (٤) أراد فِعلًا مُقرِّبًا إلى الله؛ ألقى الشيطانُ في فِكْرِه ما يخالفُه، فرجع إلى الله في ذلك، وهو كقوله: ﴿وَإِمَّا


(١) زيد في (د) و (م): «من».
(٢) «منه»: مثبتٌ من (د) و (س).
(٣) «دون تأخير»: ليس في (د).
(٤) «إذا»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>