للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فقال: أظنُّه لم يفهم كلامَ ابن عبَّاس، ولذلك ساقه على هذا الوجه، وكونه أمرًا بمعنى الخبر لا يقتضي انتفاء سماعهم (١) وإبصارهم، بل يقتضي ثبوتَه، ثم هو ليس أمرًا بمعنى الخبر، بل هو لإنشاء التعجُّب، أي: ما أسمعهم وما أبصرهم، والأمرُ المفهوم منه بحسب الظاهر غير مراد، بل انمحى الأمر فيه (٢) وصار متمحِّضًا لإنشاء التعجُّب، ومرادُ ابن عبَّاسٍ أنَّ المعنى: ما أسمع الكفَّار وأبصرهم في الدار الآخرة، وإنْ كانوا في دار الدنيا لا يسمعون ولا يبصرون؛ ولذا (٣) قال: الكفَّارُ يومئذٍ أسمعُ شيءٍ وأبصرُه. انتهى. وأصحُّ الأعاريب فيه -كما في «الدر» - أنَّ فاعله هو المجرور بالباء، والباء زائدة، وزيادتُها لازمةٌ إصلاحًا للفظ؛ لأنَّ «أَفْعِل» أمرًا لا يكون فاعله إلَّا ضميرًا مستترًا، ولا يجوزُ حذف هذه الباء إلَّا مع «أنْ» و «أنَّ»، فالمجرور مرفوعُ المحلِّ، ولا ضمير في «أَفْعِل»، وقيل: بل هو أمرٌ حقيقةً، والمأمورُ هو رسولُ الله ، والمعنى: أسمِعِ الناسَ وأبصِرْ بهم وبحديثهم ماذا يُصنَع بهم مِنَ العذاب؟ وهو منقولٌ عن أبي العالية.

(﴿لَأَرْجُمَنَّكَ﴾) في قوله: ﴿يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ﴾ [مريم: ٤٦] أي: (لَأَشْتِمَنَّكَ) بكسر المثنَّاة الفوقيَّة، قاله ابن عبَّاس فيما وصله ابن أبي حاتم أيضًا.

(﴿وَرِئْيًا﴾) في قوله تعالى: ﴿هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا﴾ [مريم: ٧٤] قال ابن عبَّاس -فيما وصله الطَّبريُّ من طريق عليِّ بن أبي طلحةَ عنه- أي: (مَنْظَرًا) بفتح المعجمة (وَقَالَ أَبُو وَائلٍ) شقيقُ ابنُ سَلَمَةَ في قوله حكاية عن مريم: ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا﴾ [مريم: ١٨]: (عَلِمَتْ مَرْيَمُ أنَّ التَّقِيَّ ذُو نُهْيَةٍ) بضمِّ النون وسكون الهاء وفتح التحتيَّة، أي: صاحبُ عقلٍ وانتهاءٍ عن


(١) في (د): «أسماعهم».
(٢) في (د): «به».
(٣) في (د): «ولذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>