للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أي: ضعف ما يُعذَّب به في الدَّارين بمثل هذا الفعل غيرك؛ لأنَّ خطأ الخطير أخطر، وكان أصل الكلام: عذابًا ضعفًا في الحياة، وعذابًا ضعفًا في الممات؛ بمعنى: مضاعفًا، ثمَّ حذف الموصوف، وأقيمت الصِّفة مُقامه، ثمَّ أُضِيفَت الصِّفة إضافةَ الموصوف، فقيل: ضعف الحياة وضعف الممات؛ كما لو قيل: لأذقناك أليمَ الحياة وأليم الممات، وفي قوله: ﴿وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ﴾ [الإسراء: ٧٤]: تصريحٌ بأنَّه ما همَّ بإجابتهم مع قوَّة الدَّاعي إليها، وفيه تخويفٌ لأمَّته؛ لئلَّا يركن أحدٌ من المسلمين إلى أحدٍ من المشركين، فافهم واعمل.

(﴿خِلافَكَ﴾ وَ ﴿خِلافَكَ﴾) في قوله تعالى: ﴿وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: ٧٦] والأُولى؛ بكسر الخاء وفتح اللَّام وألفٍ بعدها، وهي قراءة ابن عامرٍ وحفصٍ وحمزة والكسائيِّ، والأخرى بفتحٍ فسكون، وهما (سَوَاءٌ) في المعنى، أي: لا يبقون بعد خروجك من مكَّة إلَّا زمنًا قليلًا، وقد كان كذلك، فإنَّهم أُهلِكوا ببدرٍ بعد هجرته بسنةٍ.

(﴿وَنَأَى﴾) في قوله تعالى: ﴿وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى﴾ [الإسراء: ٨٣] قال أبو عبيدة أي: (تَبَاعَدَ) ومنه: النُّؤي لحفرةٍ (١) حول الخباء تباعد الماء عنه، وقرأ ابن ذكوان بتقديم الألف على الهمزة بوزن: شاء، مِن: ناء ينوء؛ إذا نهض، وأظنُّها رواية غير أبي ذَرٍّ في البخاريِّ.

(﴿شَاكِلَتِهِ﴾) في قوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء: ٨٤] قال ابن عبَّاس فيما وصله الطَّبريُّ من طريق عليِّ بن أبي طلحة عنه (٢)، أي: على (نَاحِيَتِهِ) وزاد أبو عبيدة: و «خليقته» (وَهْيَ) أي: الشَّاكلة مشتقَّةٌ (مِنْ شَكْلِهِ) بفتح الشِّين؛ وهو المِثْل، قال امرؤ القيس:

حَيِّ الحُمولَ بِجَانِبِ العَزلِ … إِذْ لا يُلائِمُ شَكْلها شَكْلِي

أي: لا يلائم مثلها مثلي، ولأبي ذَرٍّ: «مِن: شَكَلتُه» إذا قيَّدتَه، قال في «الدُّرِّ»: والشَّاكلة


(١) في (ص): «الحفرة».
(٢) في (م): «عند»، وهو تحريفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>