للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو عمرو بن العلاء: الزَّاكية: التي لم تذنب قطُّ، والزَّكيَّة: التي أذنبت ثمَّ غُفرت ولذا اختار قراءة التَّخفيف، فإنَّها كانت صغيرةً لم تبلغِ الحُلْم، وزعم قومٌ: أنَّه كان بالغًا يعمل الفساد، واحتجُّوا بقوله: (﴿بِغَيْرِ نَفْسٍ﴾! [الكهف: ٧٤]) والقصاص إنَّما يكون في حقِّ البالغ، ولم يرها قد أذنبت ذنبًا يقتضي قتلها، أو قتلت نفسًا فتُقَاد به، نبَّه به على أنَّ القتل إنَّما يُبَاح حدًّا أو قصاصًا، وكلا الأمرين منتفيان (١)، والهمزة في ﴿أَقَتَلْتَ﴾ ليست للاستفهام الحقيقيِّ، فهي كهي في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ [الضحى: ٦] وكان قتل الغلام في أُبُلَّة؛ بضمِّ الهمزة والمُوحَّدة وتشديد اللَّام المفتوحة بعدها هاءٌ، مدينةٌ قرب بصرة وعبادان (٢) (﴿قَالَ﴾) الخضر لموسى : (﴿أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا﴾ [الكهف: ٧٥]) بزيادة ﴿لَّكَ﴾ في هذه المَّرة زيادةً في المُكافَحَة بالعتاب على رفض الوصيَّة، والوسم بقلَّة الثَّبات والصَّبر لما تكرر منه الاشمئزاز والاستنكار، ولم يرعوِ بالتَّذكير أوَّل مرَّةٍ حتَّى زاد في الاستنكار (٣) ثاني مرَّةٍ (٤) (قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ) سفيان: (وَهَذَا أَوْكَدُ) واستدلَّ عليه بزيادة ﴿لَّكَ﴾ في هذه المرَّة (فَانْطَلَقَا حَتَّى ﴿أَتَيَا﴾) وفي رواية غير أبي ذَرٍّ: «﴿حَتَّى إِذَا أَتَيَا﴾» مُوافقة للتَّنزيل (﴿أَهْلَ قَرْيَةٍ﴾) هي: أنطاكية أو أُبلَّة أو ناصرة أو برقة أو غيرهنَّ، فلمَّا وافياها بعد غروب الشمس (﴿اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا﴾) واستضافوهم (﴿فَأَبَوْا أَن يُضَيِّفُوهُمَا﴾) ولم يجدوا في تلك القرية قِرًى ولا مأوًى، وكانت ليلةً باردةً (﴿فَوَجَدَا فِيهَا﴾) أي: في القرية (﴿جِدَارًا﴾) على شاطئ الطَّريق، وكان سُمْكُه مئتي ذراعٍ بذراع تلك القرية، وطوله على وجه الأرض خمسَ مئةِ


(١) في غير (د): «مُنتَفٍ».
(٢) في (د): «عبادن».
(٣) في غير (س): «الاستكثار»، وفي (ص): «الاستعثار».
(٤) زيد في (م): «قاله في «الأنوار»».

<<  <  ج: ص:  >  >>