للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كذَبَتْهم ما حدَّثَتْهم به من النُّصرة؛ كما يقال: صدق رجاؤه وكذب رجاؤه، أو أعاد الضَّميرين (١) على الكفَّار، أي: وظنَّ الكفَّار أنَّ الرُّسل قد كَذَبوا فيما وَعَدوا به من النَّصر، أو غير ذلك ممَّا يأتي إن شاء الله تعالى في سورة يوسف [خ¦٤٦٩٥] قال ابن أبي مليكة (٢): (ذَهَبَ بِهَا) أي: بهذه الآية ابن عبَّاسٍ (هُنَاكَ) أي: فَهِم منها ما (٣) فهمه من آية البقرة من الاستبعاد والاستبطاء (وَتَلَا: ﴿حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ﴾) لتناهي الشِّدة واستطالة المدَّة؛ بحيث تقطَّعت حبال الصَّبر: (﴿مَتَى نَصْرُ اللّهِ﴾): استبطاءً لتأخُّره، فقيل لهم: (﴿أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ﴾ [البقرة: ٢١٤]) إسعافًا لهم إلى طلبتهم من عاجل النَّصر، وهذه الآية كآية سورة يوسف في مجيء النَّصر بعد اليأس والاستبعاد، وفي ذلك إشارة إلى أنَّ الوصول إلى الله تعالى والفوز بالكرامة عنده برفض اللَّذَّات ومكابدة الشَّدائد والرِّياضات. قال ابن أبي مليكة: (فَلَقِيتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ) المذكور من تخفيف ذال ﴿كُذِبُواْ﴾. (فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ) منكرةً على ابن عبَّاسٍ: (مَعَاذَ اللهِ! وَاللهِ مَا وَعَدَ اللهُ رَسُولَهُ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا عَلِمَ أَنَّهُ كَائِنٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ) (٤) ظرفٌ للعِلْم لا للكون (وَلَكِنْ لَمْ يَزَلِ البَلَاءُ بِالرُّسُلِ حَتَّى خَافُوا أَنْ يَكُونَ مَنْ مَعَهُمْ) من المؤمنين (يُكَذِّبُونَهُمْ) وإنكار عائشة على ابن عبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهم إنَّما هو من جهة أنَّ مراده أنَّ الرسل ظنُّوا (٥) أنَّهم مُكذَّبون من عند الله لا من عند أنفسهم؛ بقرينة الاستشهاد بآية البقرة، ولا يقال: لو كان كما قالت عائشة؛ لقيل: وتيقَّنوا أنَّهم قد كُذِبوا؛ لأنَّ تكذيب القوم لهم كان متحقِّقًا؛ لأنَّ تكذيب أتباعهم من المؤمنين كان مظنونًا، والمتيقَّن هو تكذيب من لم يؤمن أصلًا، قاله الكِرمانيُّ، ويأتي زيادةٌ لذلك في آخر سورة يوسف إن شاء الله تعالى [خ¦٤٦٩٥] (فَكَانَتْ تَقْرَؤُهَا: ﴿وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ﴾ مُثَقَّلَةً) وهي قراءة الباقين غير الكوفيِّين؛ على معنى: وظنَّ الرُّسل أنَّ قومهم قد كذَّبوهم فيما وعدوهم (٦) به من العذاب والنُّصرة عليهم، فأعاد الضَّميرين على الرسل.


(١) في (د): «الضَّمير».
(٢) «قال ابن أبي مليكة»: سقط من (د).
(٣) «ما»: سقط من (د).
(٤) في (د): «قبل الموت».
(٥) «ظنُّوا»: سقط من (ص).
(٦) في (د): «وعدهم».

<<  <  ج: ص:  >  >>