للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أريدُ ذكرها لك فاكتُم عنِّي. قال: أفعلْ. قال: كان قدومُ هذا الرَّجلِ علينا بلاءً من البلاءِ، عادَتْنا العربُ ورمَتْنا عن قوسٍ واحدةٍ، وقطعَتْ عنَّا السُّبل حتَّى جاعَ العيالُ وجهِدَت الأنفُس، وأصبحنَا قد جهِدنا وجهِدَ عيالُنا، فقال كعبٌ: أنا ابنُ الأشرفِ، أما واللهِ لقد كنتُ أُخْبرك يا ابنَ سَلامة (١) أنَّ الأمرَ سيصيرُ إلى ما أقول، فقال سِلْكان: إنِّي قد أردتُ أن تبيعنَا طعامًا ونُرهِنَك ونُوثِقُ لك، قال: أتَرْهَنُوني (٢) أبناءَكُم ونساءَكُم؟ قال: لقد أردتَ أن تفضَحَنا أنت أجملُ العربِ، وكيف نرهنُكَ نساءَنا؟ أم كيف نَرْهَنك أبناءَنا فيعيَّر أحدُهم فيقال: رُهِن بوَسْقٍ أو وَسْقين، إنَّ معي أصحابًا على مثلِ رأيي، وقد أردتُ أن آتيكَ بهم فتبيعَهُم وتُحسن في ذلك، ونرهنكَ من الحلقةِ ما فيه وفاء، فقال: إنَّ في الحلقةِ لوفاء، فرجعَ أبو نَائِلَة إلى أصحابهِ وأخبرَهُم الخبرَ، وأمرهم أن يأخذُوا السِّلاح ويأتوا رسولَ الله ، ففعلُوا واجتَمَعوا عند رسولِ الله ، فمشى معهم إلى بقيعِ الغَرقَدِ ثمَّ وجَّههم، وقال: «انطلقُوا على اسمِ اللهِ»، وقال: «اللَّهمَّ أعِنهُم» ورَجَع عنهم وكانت ليلةً مُقمِرة، حتَّى انتَهَوا إلى حِصنِه فهتفَ به أبو نَائِلَة. انتهى.

ففيه أنَّ الَّذي خاطبَ كعبًا بذلك أوَّلًا هو أبو نَائِلَة، وهو الَّذي هتفَ به، وهو مخالفٌ لروايةِ «الصَّحيحِ» من أنَّه محمَّد بن مَسلمة، فيحتملُ -كما في «الفتح» - أن يكون كلٌّ منهما كلَّمه في ذلك.

وقال في «المصابيح»: إنَّه محمَّد بن مَسلمة، وكلامُهُ مع كعبٍ كان أولًا عند المفاوضةِ في حديثِ الاستسلافِ، وركونهِ (٣) لرضيعهِ أبي نائلةَ إنَّما هو ثاني الحال عند نزولهِ إليهم من الحصنِ.

(فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ) لم يقفِ الحافظُ ابنُ حَجر على تسميتِها: (أَيْنَ تَخْرُجُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟


(١) في الأصول كلها: «يا ابن أم سلامة» والمثبت موافق لمصادر التخريج وكتب السيرة.
(٢) في (ص): «أرهنوني».
(٣) في (م): «كونه».

<<  <  ج: ص:  >  >>