للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال في «المصابيح»: هذا ممَّا استشكلَ (١) جدًّا، وذلك لأنَّه قد شهدَ له بالصِّدق، ونهى أن يقال له إلَّا الخير، فكيف يُنسب بعد ذلك إلى خيانةِ الله ورسولهِ والمؤمنين؟ وهو منافٍ للإخبار بصدقهِ، والنَّهي عن إذايته (٢)، ولعلَّ الله ﷿ يُوفِّق للجواب عن ذلك. انتهى.

وقد أُجيب بأنَّ هذا على عادة عُمر في القوَّة في الدين وبغضهِ للمنافقين، فظنَّ أنَّ فعله هذا مُوجبٌ لقتله، لكن لم يجزمْ بذلك، ولذا استأذنَ في قتلهِ، وأطلق عليه النِّفاق لكونه أبطنَ خلاف ما أظهرَ، والنَّبيُّ عذرَهُ لأنَّه كان متأوّلًا؛ إذ لا ضررَ في فعله.

(فَقَالَ) : (أَلَيْسَ) أي: حاطب (مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ)؟ وكأنَّ عمر قال: وهل كونُه من أهل بدرٍ يسقط عنه هذا الذَّنب؟ (٣) (فَقَالَ) : (لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ إِلَى (٤) أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ) تعالى مخاطبًا لهم خطابَ تشريفٍ وخُصوصيَّة: (اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ) في المستقبلِ (٥) (فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ) بالشَّكِّ من الرَّاوي، والمراد: غفرْتُ لكم في الآخرة (فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ) رضي الله تعالى عنه (وَقَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ). والتَّعبير بالخبرِ بلفظ الماضي في قوله: «غفرتُ» مبالغة في تحقيقهِ، وكلمة: «لعلَّ» في كلام الله ورسوله للوقوعِ. وفي حديث أبي هُريرة عند أحمد وأبي داود: «إنَّ الله تعالى اطَّلع» فأسقطَ لفظ «لعلَّ»، وليس المرادُ من قوله: «اعملوا ما شئتُم» الإباحة؛ إذ هو خلافُ عقد الشَّرع، فيحتملُ أن يكون المراد: أنه لو قدِّر صُدُور ذنبٍ (٦) من أحد منهم لبادرَ بالتَّوبةِ، ولازم الطَّريقة المُثلى، وقيل غير ذلك ممَّا سبق في «باب الجاسوسِ»، من «كتاب الجهاد» [خ¦٣٠٠٧] والله تعالى الموفِّق والمعين على الإكمالِ والمتفضِّل بالقبولِ.


(١) في (د) و (س): «استشكله».
(٢) في (د): «أذيته».
(٣) زيد في غير (د): «فأجاب بقوله».
(٤) في (ب) و (س): «على».
(٥) «المستقبل»: ليست في (د).
(٦) في (م): «ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>