للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أنَّهم مُكلَّفون، فهم مُكلَّفون بالتَّوحيد وأركان الإسلام، وأمَّا ما عداه من الفروع، فاختُلِف فيها لِمَا ثبت من النَّهي عن الرَّوث والعظم، وأنَّهما زاد الجنِّ. واختُلِف هل يُثابون على الطَّاعات؟ فروى ابن أبي الدُّنيا عن ليث بن أبي سُلَيمٍ قال: ثواب الجنِّ أن يُجاروا من النَّار، ثمَّ يُقال لهم: كونوا ترابًا. ورُوِي عن أبي حنيفة نحوه، وذهب الجمهور -وهو مذهب الأئمَّة الثَّلاثة-: أنَّهم يُثابون على الطَّاعة. وعن مالكٍ: أنَّه استدلَّ على (١) أنَّ عليهم العقاب ولهم الثَّواب (٢) بقوله تعالى: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ [الرحمن: ٤٦] ثمَّ قال: ﴿فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ [الرحمن: ٤٧] والخطاب للإنس والجنِّ، فإذا ثبت أنَّ فيهم مؤمنين والمؤمن من شأنه أن يخاف مقام ربِّه ثبت المطلوب، وهل يدخلون الجَنَّة كالإنس؟ والجمهور: على أنَّهم يدخلونها ولا يأكلون فيها ولا يشربون، بل يُلهَمون التَّسبيح والتَّقديس. وحكاه الكمال الدَّميريُّ عن مجاهدٍ واستغربه. وقال الحارث المحاسبيُّ: نراهم فيها ولا يرونا عكس ما في الدُّنيا، وقيل: لا يدخلونها بل يكونون (٣) في ربضها، وهذا مأثورٌ عن مالكٍ والشَّافعيِّ وأحمد، وقيل: إنَّهم على الأعراف، وتوقَّف بعضهم عن الجواب في هذا.

(﴿بَخْسًا﴾) في قوله تعالى: ﴿فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا (٤)[الجن: ١٣] أي (٥): (نَقْصًا) قاله يحيى الفرَّاء. والمراد: النَّقص في الجزاء، وفي الآية دليلٌ على ثبوت أنَّهم مُكلَّفون (قَالَ) ولأبي الوقت: «وقال» (مُجَاهِدٌ) فيما وصله الفريابيُّ في قوله تعالى: (﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ﴾)


(١) قوله: «على أن عليهم … الثواب»، جاء في (د) بعد قوله الآتي: «﴿جَنَّتَانِ﴾».
(٢) في غير (ب): «يكونوا» ولعلَّ المثبت هو الصَّواب.
(٣)
(٤) «﴿وَلَا رَهَقًا﴾»: مثبتٌ من (د).
(٥) «أي»: ليس في (د).

<<  <  ج: ص:  >  >>