للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من أحدهما، وإنَّما يحتاج (١) إلى ذلك، لأنَّ الرُّسل عنده مختصَّةٌ بالإنس، يعني: أنَّه يعتقد أنَّ الله تعالى ما أرسل للجنِّ رسولًا منهم، بل إنَّما أرسل إليهم الإنس، ولم يرسل من الجنِّ إلَّا بواسطة رسالة الإنس، لقوله تعالى: ﴿وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِم مُّنذِرِينَ﴾ [الأحقاف: ٢٩] وعلى هذا فلا يحتاج إلى تقدير مضافٍ، وإن قلنا: إنَّ رسل الجنِّ من الإنس، لأنَّه يُطلق عليهم رسلٌ مجازًا لكونهم رسلًا بواسطة رسالة الإنس، والإجماع على أنَّ نبيِّنا مبعوثٌ إلى الثَّقلين -الجنِّ والإنس-، وتمسَّك قومٌ -منهم الضَّحَّاك- وقالوا: بُعِث إلى كلٍّ من الثَّقلين رسلٌ منهم، وإنَّ الله تعالى أرسل إلى الجنِّ رسولًا منهم، اسمه: يوسف. قال ابن جريرٍ: وأمَّا الَّذين قالوا بقول الضَّحَّاك، فإنهم قالوا: إنَّ الله تعالى أخبر أنَّ من الجنِّ رسلًا أُرسِلوا إليهم، ولو جاز أن يكون خبره عن رسل الجنِّ بمعنى: أنَّهم رسل الإنس، جاز أن يكون خبره عن رسل الإنس بمعنى (٢): أنَّهم رسل الجنِّ. قالوا: وفي فساد هذا المعنى ما يدلُّ على أنَّ الخبرين جميعًا بمعنى الخبر عنهم أنَّهم رسل الله تعالى؛ لأنَّ ذلك هو المعروف في الخطاب دون غيره.

قال في «الآكام»: ويدلُّ لِمَا قاله الضَّحَّاك حديثُ ابن عبَّاسٍ عند الحاكم قال: ﴿وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ [الطلاق: ١٢] قال: سبع أرضين، في كلِّ أرضٍ نبيٌّ كنبيِّكم، وآدم كآدمكم، ونوحٌ كنوحكم، وإبراهيم كإبراهيمكم، وعيسى كعيسى (٣). قال الذَّهبيُّ: إسناده حسنٌ، وله شاهدٌ عند الحاكم أيضًا عن ابن عبَّاسٍ، قال في قوله: ﴿سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ﴾ قال: في كلِّ أرضٍ نحو إبراهيم . قال الذَّهبيُّ: حديثٌ على شرط الشَّيخين، رجاله أئمَّةٌ (٤)، وإذا تقرَّر


(١) في (د): «احتاج».
(٢) «بمعنى»: ليس في (د).
(٣) في غير (د): «كعيساكم» والمثبت موافقٌ لما في «المستدرك».
(٤) «على»: ليس في (م).

<<  <  ج: ص:  >  >>